تقرير: حقوق الإنسان في الاردن متدهورة معيشيا واقتصاديا واجتماعيا

"جمعية حقوق الإنسان" تدعو صناع القرار لتبني سياسة واضحة
94 محكوماً بالإعدام بينهم 7 نساء مصيرهم مجهول مع وقف تنفيذ العقوبة

خلص تقرير حقوقي إلى أن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد العام الماضي أصابها تدهور على الأصعدة الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، بفعل قرارات رفع الأسعار وتداعيات تدفق اللاجئين السوريين إلى المملكة.

يقول التقرير السنوي للجمعية الأردنية لحقوق الإنسان : "إنه كان من المفترض أن يكون عام 2012 عام الإصلاحات التاريخية الكبرى التي تشكّل نقطة تحوّل هامة في حياة المجتمع والدولة، بيد أن الحصيلة كانت متواضعة؛ إذ تمت الاستجابة شكلياً للمطالب الشعبية في الإصلاح، وتم لاحقاً تجويف تلك المطالب وإفراغها من مضمونها".
ورغم أن التقرير وصف عام 2012 ب"عام دخول الإصلاحات السياسية حيّز التنفيذ"، نتيجة إقرار قوانين جديدة أو معدّلة للبلديات والأحزاب والانتخاب وصدور قانون المحكمة الدستورية وتشكيلها وقانون الهيئة المستقلة للانتخاب وتشكيلها، باعتبارها قوانين وهيئات وثيقة الصلة بتطورات أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، إلا أنه عاد وشدد على أن أوضاع حقوق الإنسان لم تتحسن قياسا بأوضاعها خلال الأعوام السابقة.
رئيس الجمعية سليمان صويص أوضح خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس لإعلان التقرير، أن الرصد الذي تضمنه تقرير مؤسسته هدفه قياس مدى تطوّر أوضاع حقوق الإنسان كل عام، مشددا على ضرورة تبني صناع القرار سياسة واضحة لا لبس فيها تضع نصب عينها تمتع الإنسان الأردني بحرياته وحقوقه كاملة.
وينتقد التقرير اعتقال مئات المواطنين خلال عام 2012، أثناء وبعد مظاهرات الاحتجاج على رفع الأسعار، فضلا عن تعرض العشرات منهم للتعذيب قبل أن يتم الإفراج عنهم لاحقاً بأوامر ملكية.
ونوه التقرير إلى أن الحكومات المتعاقبة لم تأخذ بالتوصيات والملاحظات التي نشرت في تقارير سابقة فيما يتعلق بأوضاع السجناء والسجون؛ إذ ما يزال الاكتظاظ موجوداً ولم تنفّذ الوعود بالإسراع في إغلاق سجن الجويّدة (رجال) بسبب للحالة اللاإنسانية المزرية التي يعيش فيها المعتقلون والسجناء.
بالنسبة لقانون الانتخاب، اعتبرت الجمعية أن القانون بصيغته المعدّلة جاء متعاكساً مع أهداف الإصلاح السياسي المطلوبة، على حين أن التعديلات التي أدخلت على قانون الأحزاب السياسية لسنة 2012 لم تكن بأفضل من تلك التي أدخلت على قانون الإنتخاب، كونها "حافظت على جوهر القانون السابق والذي يجعل من الأحزاب أطراً محدودة التأثير والأثر في الحياة السياسية والنيابية، وخاضعة باستمرار للهيمنة الأمنية التي ترتاب من كل عمل سياسي حرّ"، وفق ما يشير إليه التقرير.
وبشأن محاكمة مسؤولين بقضايا فساد، أكّد التقرير بأن "الشعور السائد لدى قطاعات واسعة من الرأي العام وقوى المجتمع السياسية والمدنية هو أن "مكافحة الفساد" تخضع للانتقائية ولحسابات سياسية، وليس للمعايير القانونية"، مطالبا بإعادة صياغة القوانين الناظمة للعمل المالي والإداري للدولة على أساس من الوضوح والشفافية والدقّة والتفصيل، وتعزيز الرقابة والمحاسبة وتغليظ العقوبات الرادعة لأي تلاعب أو إهدار للمال العام على مستويات المسؤولية كافة.
في مجال الحق في الحياة، قال التقرير إنه شهد انتهاكات محدودة بالرغم من الزخم الكبير للمظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي وقعت في أنحاء متفرقة من البلاد.
واعتبر التقرير أن وقف تنفيذ أحكام الإعدام منذ 2006 قد طرح مشكلات بات حلّها ضرورياً، إذ ينتظر اليوم 94 محكوماً بالإعدام ، بينهم 7 نساء، مصيرهم المجهول ما بين تنفيذ الحكم أو وقفه.
أما على صعيد الحق في الجنسية يذكر التقرير سحب الأرقام الوطنية من 4500 عائلة أردنية من أصل فلسطيني حتى منتصف أيلول 2012، أعيدت الجنسية ل 350 شخص منهم.
وجددت الجمعية مطالبتها للحكومة بضرورة الالتزام الدقيق والواضح بقانون الجنسية، وعدم سحب الجنسية إلاّ بموجب قرار قضائي قطعي، من خلال تشكيل لجنة للنظر في الشكاوى الواردة إلى الحكومة أو منظمات حقوق الإنسان حول سحب الأرقام الوطنية.
أما بشأن الحق في اللجوء، أكد التقرير الحاجة الماسة لتكثيف الجهود الإنسانية من أجل تخفيف معاناة اللاجئين السوريين، ومضاعفة الدعم المقدم من الأمم المتحدة إلى الأردن، لمواصلة القيام بواجبه الإنساني، محذرا من استغلال مشكلة اللاجئين للحصول على أموال تحت ذريعة "إغاثة اللاجئين"، ما يتطلب وفق التقرير ممارسة الشفافية التامة في إدارة أموال المساعدات والدعم التي تصل إلى البلاد لغايات إغاثة اللاجئين السوريين.
وحول الحق في الصحة يقول التقرير إنه نظرياً، يبدو الحصول على الحق في الصحة متوافراً للمواطنين، إلا أن المشكلة تكمن في اكتظاظ المستشفيات الحكومية؛ إذ يضطر المريض للانتظار شهوراً قبل الحصول على موعد لإجراء عملية أو موعد لمراجعة طبيب الاختصاص، إضافة لارتفاع أسعار المستشفيات والأطباء في القطاع الخاص، بشكل لا يتيح إلا للأغنياء الحصول عليها.
ويوضح التقرير مشاكل تتعلق بإدخال مرضى حالات الطوارئ إذ تتعرض أحياناً حياة بعضهم لخطر الموت بسبب التشدد من جانب المستشفيات، الحكومية والخاصة على السواء، بضرورة تحصيل مبلغ تأمين قبل معالجة المريض أو الحالة.
أما عن القوانين الناظمة للحق في التجمع والتنظيم يشير التقرير إلى أنه ما تزال تفرض العديد من العراقيل عليه وتخضعه لرقابة وسيطرة صارمة من جانب السلطات الحكومية، ما يدعو منظمات المجتمع المدني للمطالبة بإعادة النظر بقوانين الجمعيات والأحزاب والعمل.
وطالب التقرير بإلغاء القانون المعدّل لقانون المطبوعات والنشر، وإعادة النظر بقانون المطبوعات والنشر الأصلي بحيث يقلّص عدد "المحظورات" الواردة فيه، لتقتصر على ما له علاقة بالأمن الوطني والأخلاق العامة، إضافة لإعادة النظر بالقانون المعدّل لقانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات.
وجدد التقرير انتقاده لما وصفه بالحصانة شبه الكاملة لمرتكبي التعذيب، بفعل الخلل في آلية التبليغ عن التعذيب، وضعف عمليات التحقيق، فضلا عن أن القضايا المرتبطة بالتعذيب تعرض على محاكم الشرطة، على نحو لا تتوفر فيها معايير المحاكمة العادلة، وفق ما ذكره التقرير.
وتابع التقرير أن استمرار تجاهل الحكومات المتعاقبة للمطالبات الحقوقية يؤكد غموض سياسات الحكومات تجاه قضايا حقوق الإنسان، والذي يعني بالملموس إطلاق التصريحات الفضفاضة المؤيدة لحقوق الإنسان، في حين أن الممارسات على أرض الواقع تشير إلى احترام جزئي وانتقائي للحقوق.
وبشأن الحق في التعليم يذكر التقرير أنه لم يشهد واقع التعليم في الأردن في العام 2012 تغييرات تضفي تحسناً على المشهد العام لمؤسسات التعليم المدرسي والجامعي، بخاصة الحكوميات منها، سواء من حيث الشكل أو مضمون العملية التعليمية.
وفيما يتعلق بالحق في بيئة نظيفة يشير التقرير إلى أن موضوع البيئة أخذ أبعاداً كبيرة نتيجة مواصلة قطاعات من النشطاء جهودهم لمنع تنفيذ مشروع المفاعل النووي(السلمي) الذي يتابع الأردن إقامته.
وبالنسبة للحق في السكن، فإن العام 2012 شهد ارتفاعاً في أسعار الشقق سواء لأغراض البيع أو التأجير، استتباعاً لارتفاع أسعار السلع الذي شهده العام في ضوء القرارات الحكومية بهذا الخصوص، وما تزال قطاعات من المجتمع تفتقد القدرة على شراء منزل أو شقة.
وبالنسبة للحق في الغذاء يقول التقرير: ارتبط الحصول على الحق في الغذاء خلال العام 2012، بمسألة رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي قررته الحكومة في تشرين الثاني، ما أدى إلى ارتفاع أسعار معظم المواد الغذائية، وغيرها من المواد والخدمات، فيما قابلته قطاعات واسعة من المجتمع بالرفض والاحتجاج.