الحكومة البرلمانية..فاقد الشيء لا يعطيه


يشكّل اعتراف رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور باستحالة إنتاج حكومة برلمانية في هذا الوقت دليلا قاطعا على أنّ الصيغة الرسمية للإصلاح ناقصة ولا يمكن التباهي بها.

نعم لقد فشلت كل محاولات الحكومة من أجل تقديم صورة عن نفسها بأنّها برلمانية، والسبب هنا بسيط ومفاده أنّ فاقد الشيء لا يعطيه مهما حاول وحاول.
قانون الانتخاب الأخير الذي تم الاحتفاء بتقدميته لم يستطع أن يقدم من المخرجات إلاّ استنساخا عن سابقيه لنبقى ندور في حلقة مفرغة لا سياسة فيها.

هذه المآلات (سقوط فكرة الحكومة البرلمانية) لم تكن مفاجئة، فمعظم الساسة ورجال الفكر في البلد قالوا أنّ مدخلات الحكومة البرلمانية غير متوافرة ويجب أن تتوقف الدعاية.
لكن ثمة إصرار كبير من قبل جهات رسمية أرادت إقناعنا بأنّ المفهوم حاضر وممكن وأنّنا على أعتاب تغيير إصلاحي سياسي غير مسبوق.

الحكومة البرلمانية لها مقومات نجاح أهمّها توافر أحزاب وقوى سياسية واجتماعية واضحة البرنامج تخوض الانتخابات وتشكّل البرلمان وتتصارع سياسيا لتقدّم لنا في النهاية حكومة برلمانية.
هذا كله غير متوافر، لا بل كان هناك استهداف لكل هذه العناصر من خلال تشريع قانون الصوت الواحد الذي جرّبناه مرات ومرات دون أن نتعلم الدرس.
جرت محاولات لصياغة كتل وإظهارها بمنطق التماسك، لكن الأمر فشل بسبب الأجندات الفردانية الطاغية على هوية المجلس.

بعد ذلك كان القرار بتوزير النواب وكاد النسور أن يقدم على الخطوة فتنفجر القنبلة في «عبّ» مجلس النواب، لكن تدخُّل الملك ومنعه للتوزير جعل النسور مضطرا للاعتراف بأنّه لا حكومة برلمانية ممكنة ولا يحزنون.
دعونا جميعا نملك الشجاعة ونعترف بأنّ ما قيل ويقال عن الإصلاح كان مجرد ترهات لا تسمن ولا تغني عن جوع.
الإصلاح له أبواب واضحة ومحددة وأيّ التفاف عليها سيكون مصيره في النهاية الانكشاف أمام الحقائق وأمام الجمهور الأردني الواعي والقادر على الفهم.
هذا القانون الرجعي المتخلف للانتخابات هو السبب الحاسم لمعظم بلاوينا السياسية، والمشكلة أنّ الجميع يعرف هذه الحقيقة، ورغم ذلك يتواصل العبث وننادي بأنّ إصلاحا قد تمّ وللأسف.