في اساسيات العمل الإعلامي المهني في الأردن لا بد من قيام مديريات العلاقات العامة والإعلام في الوزارات والمؤسسات العامة بدور إيجابي في نقل المعلومات الخاصة بنشاط وعمل الوزارات للرأي العام وبتنسيق مباشر مع وسائل الإعلام المختلفة؛ ولكن كثيرا من الشواهد والأمثلة تؤكد بأن طريقة العمل هذه ليست مهنية ولا مفيدة للطرفين في معظم الحالات. من المفترض أن يكون دور هذه الاقسام التي يعمل بها اشخاص متخصصون وخبراء في الإعلام هو دور نشر المعلومات والأخبار الخاصة بالوزارة، وتقديم الفائدة المعرفية للإعلاميين والرأي العام حول القضايا التي تتعامل معها الوزارة ومواقفها تجاه الشؤون العامة والمعلومات الاساسية التي تهم المواطن. في معظم الحالات تتحول هذه الاقسام إلى أدوات لخدمة الوزير نفسه وتلميعه وملاحقته بالكاميرات والصور والأخبار التي تشير إلى نشاطه اليومي حتى في أكثر الأعمال روتينية مثل افتتاح ورشة تدريبية أو اجتماع داخلي لا يتطلب أصلا مشاركة الوزير بل الأمين العام أو مساعده!
بعض الوزراء يعشقون الميديا، وبالتالي يمارسون ضغطا هائلا على موظفيهم لضمان وجودهم في الصحف ووسائل الإعلام بشكل يومي. البعض الآخر لا يثق بالإعلام ويفضل البقاء بعيدا عنه، وهذا ايضا يضع ضغطا على الناطق الإعلامي الذي يحتاج لتقديم معلومات للإعلام ولكن الوزير ليس معنيا بها. بعض الوزراء -وهم الأقلية- يعملون بجدية وصمت وعندما يكون هنالك أمر يستحق التغطية الإعلامية يتم عمل ذلك بشكل مهني ومحترف ويتم تقديم المعلومات المطلوبة بشكل صحيح للإعلاميين.
الرأي العام ليس معنيا بصور معاليه ولا نشاطاته ولا كلماته الافتتاحية في ورشات العمل ولا تصريحاته إلا إذا كانت ذات قيمة حقيقية تستحق النشر، ولكن الرأي العام معني بالشفافية في نقل المعلومة والتواصل الإيجابي مع وسائل الإعلام وتقديم الفائدة المعرفية خاصة في القضايا الإشكالية. ماذا تستفيد وسائل الإعلام من ناطق رسمي أو مديرية علاقات عامة تتصل يوميا عشرات المرات لنشر صور وأخبار الوزير؟! ولكن يتم إغلاق الهواتف عند السؤال عن أبسط قضية فنية وسياسية واقتصادية ذات طبيعة إشكالية.
من حق الإعلامي الحصول على المعلومات التي يريدها ولكن معظم الإعلاميين للأسف يكتفي بصورة معاليه وكلمته الافتتاحية وتصريحه ولا يذهب بعيدا في التحقيق والتدقيق بالمعلومات وبناء قصة ومضمون متماسك مفيد وثري بالمعلومات، وهكذا يصبح الأمر في النهاية معادلة توافق ما بين الوزارة والإعلام على تلميع الوزير والترقيع وراءه أحيانا وضمان عدم تشويه صورته، وتكون الضحية هي المعلومات المفيدة التي يحتاجها المواطن والإعلام معا.
batirw@yahoo.com
الدستور