الكاتب يسار الخصاونه يكتب عن تمثال للحرية
سيطرت فكرة الخلود على مجمل الحياة الإنسانية منذ فجر التاريخ البشري ، وقد شكلت مع الموت لغزاً محيراً نُسجت حوله آلاف الأساطير والحكايات والخرافات ، وتسابقت الأديان الوضعية بطروحاتها الفلسفية إلى محاولة فك هذا اللغز ، وبقي الإنسان عاجزاً عن الوصول إلى مفاتيح الباب السري لهذا اللغز ، لكنه لم يسلم مفاتيح عجزه للزمن بل بقي مسكوناً بهاجس تحقيق حلمه ومبتغاه إلى أن وجد طريقة أرضت طموحه ، ووافقت رغبته في تحدي الموت بفكرة الخلود ذاتها وذلك من خلال إقامة النُـصب والتماثيل للراحلين ، وهو بهذا الفعل يعلن عجزه أمام الزمن في تخليد أحيائه وفي نفس الوقت يعلن فوزه بتخليد أمواته ، وهكذا نجد الأمم والشعوب منذ آلاف السنين سعت لتخليد رموزها ، وتركت لنا الحضارات الإنسانية المختلفة زماناً ومكاناً الكثير الكثير من هذه النُـصب والتماثيل رغبة منها في ممارسة إنجازها في تخليد الأموات .
لن أفتح باباً ' مع المتزمتين ' للنقاش في تحريم أو تسويغ إقامة النُـصب والتماثيل فهذا الأمر لم يستوقفني في يوم من الأيام ، فللناس فيما تريد الوصول إليه مذاهبٌ شتى ، ولي مذهبي ، لكنني سأقف قارئاً للفكرة ذاتها التي حاول الإنسان فيها أن يُقنع نفسه أنه قد كتب الخلود لأمواته من خلال أبجدية الحجر .
التماثيل والنُصب ترجمة لرغبة الإنسان في بعث فكرة الخلود ، وترسيخ فكرة التعظيم ، وقد نجح الإنسان في عبور الزمن بالفكرتين بعد أن قدّم نفسه فناناً متميزاً في استنطاق الحجر وقدّم لنا أعمالاً فنية ستبقى خالدة تحكي قصة من رحلوا
لا ندري بالضبط ما كان يدور في ذهن الفنان الفرنسي المهندس ' فريدريك أوغست بارتولدي ' حين بدأ بصنع تمثاله المشهور عالمياً باسم تمثال الحرية ، هل كان يحب الحرية إلى درجة الخوف عليها من الغياب ولهذا أراد حقيقة تعظيم فكرة الحرية وتخليدها عند غيابها ؟! لكننا ندري تماماً أن هذا التمثال بما يمثله من تعظيم للحرية وتخليد لغيابها لم يكن يليق إلا بأمريكا الدولة التي قامت أساساً على جثث السكان الأصليين ، ومارست بغياب الحرية فن الاستباحة ، وهيمنت على أرض لا يملكها هؤلاء القادمون من دول أوروبية متفرقة ، وبعدها مارست وما تزال تمارس هذه الهيمنة على كل دول العالم ، وهي بذلك تُعطي انطباعاً ممتازاً لدولة تُتقن إجهاض ميلاد حرية الشعوب ، أقول: لم يجد الفنان الفرنسي دولة يليق بها هذا التمثال إلا أمريكا فقدمه هدية لها عام 1886 م ، والغريب أن حكام أمريكا في ذلك الوقت حفروا على التمثال تاريخ استقلال أمريكا عام 1776 م ، فأي استقلال هذا قام أصلاً على رفات السكان الأصليين ، هذه هي قراءتي لأبجدية تمثال الحرية ، وهنا يحضرني قول للكاتب الروائي ' باتريك زوسكيند في روايته الشهيرة – العطر – على لسان بطله ' جان باتيست غروني ' ص57 ' ألم يكن البشر بكل خير ولآلاف السنوات دون هذه القارة ؟؟! '
لن أفتح باباً ' مع المتزمتين ' للنقاش في تحريم أو تسويغ إقامة النُـصب والتماثيل فهذا الأمر لم يستوقفني في يوم من الأيام ، فللناس فيما تريد الوصول إليه مذاهبٌ شتى ، ولي مذهبي ، لكنني سأقف قارئاً للفكرة ذاتها التي حاول الإنسان فيها أن يُقنع نفسه أنه قد كتب الخلود لأمواته من خلال أبجدية الحجر .
التماثيل والنُصب ترجمة لرغبة الإنسان في بعث فكرة الخلود ، وترسيخ فكرة التعظيم ، وقد نجح الإنسان في عبور الزمن بالفكرتين بعد أن قدّم نفسه فناناً متميزاً في استنطاق الحجر وقدّم لنا أعمالاً فنية ستبقى خالدة تحكي قصة من رحلوا
لا ندري بالضبط ما كان يدور في ذهن الفنان الفرنسي المهندس ' فريدريك أوغست بارتولدي ' حين بدأ بصنع تمثاله المشهور عالمياً باسم تمثال الحرية ، هل كان يحب الحرية إلى درجة الخوف عليها من الغياب ولهذا أراد حقيقة تعظيم فكرة الحرية وتخليدها عند غيابها ؟! لكننا ندري تماماً أن هذا التمثال بما يمثله من تعظيم للحرية وتخليد لغيابها لم يكن يليق إلا بأمريكا الدولة التي قامت أساساً على جثث السكان الأصليين ، ومارست بغياب الحرية فن الاستباحة ، وهيمنت على أرض لا يملكها هؤلاء القادمون من دول أوروبية متفرقة ، وبعدها مارست وما تزال تمارس هذه الهيمنة على كل دول العالم ، وهي بذلك تُعطي انطباعاً ممتازاً لدولة تُتقن إجهاض ميلاد حرية الشعوب ، أقول: لم يجد الفنان الفرنسي دولة يليق بها هذا التمثال إلا أمريكا فقدمه هدية لها عام 1886 م ، والغريب أن حكام أمريكا في ذلك الوقت حفروا على التمثال تاريخ استقلال أمريكا عام 1776 م ، فأي استقلال هذا قام أصلاً على رفات السكان الأصليين ، هذه هي قراءتي لأبجدية تمثال الحرية ، وهنا يحضرني قول للكاتب الروائي ' باتريك زوسكيند في روايته الشهيرة – العطر – على لسان بطله ' جان باتيست غروني ' ص57 ' ألم يكن البشر بكل خير ولآلاف السنوات دون هذه القارة ؟؟! '