في الوجاهة المقارنة (وزير، نائب، عين)
لا يتعلق السعي للجمع بين النيابة والوزارة بوجود فائض في الوقت أو في امكانات العطاء عند النواب الراغبين بالجمع، والأمر أساساً متعلق بتقدير حجم الوجاهة التي يحوزها كل منصب.
يصعب الوصول الى معادلة واضحة متفق عليها للمقارنة، ولكن لا بأس هنا من محاولة طرح الملاحظات وإثارة الأسئلة، فالموضوع حساس وهو يشكل جوهر كثير من مظاهر الحياة السياسية في البلد.
علينا الانتباه أولاً الى أننا بصدد صنف من الوجاهة خاص بالقطاع العام ولكنه مرغوب من الجميع، بدليل أن أصحاب الشركات والأثرياء، يحبون أن تتوج وجاهة القطاع الخاص التي يحوزونها، بنصيب من وجاهة القطاع العام في أي من هذه المراكز الثلاث.
رغم ما يحويه لقب "نائب الأمة" من وجاهة، إلا أن كثيرين من النواب لا يتمكنون من إدراك الامكانات الكامنة في هذا اللقب وامتلاكها والاحساس بها، ولهذا يبقى هؤلاء يتطلعون الى منصب الوزير، والسبب في هذه الحالة واضح وبسيط ويتعلق بجهة "التعيين" في المنصب، ففي حالة النائب فإن "التعيين" يأتي من أسفل عبر أصوات الناخبين الأفراد، بينما يأتي تعيين الوزير من أعلى، وعند هذا المستوى من النقاش يمكن القول إن الثقة من أعلى لا تزال تتفوق على الثقة من أسفل في مقدار ما تضيفه لصاحبها من وجاهة. وهذا ما يفسر أن الأعيان لا يشاركون زملاءهم النواب في السعي نحو التوزير، ذلك أن العين يشترك أصلاً مع الوزير في مصدر الثقة الأعلى.
أما على صعيد المقارنة بين وجاهة العين ووجاهة الوزير، فإن المسألة أكثر تعقيداً، فبعض الأعيان لا يطمعون في وجاهة منصب الوزير لأسباب تتعلق بما يحوزونه مسبقاً من وجاهة، ولكن المفارقة أن بعضهم سبق وأن ترك الأعيان سعياً منه للفوز بالنيابة، أي أنهم فضلوا مصدر الثقة من أسفل.
من الواضح كما أشرت مسبقاً، أن الوجاهة المقارنة مسألة معقدة، وما قمت به هنا هو مجرد محاولة للفهم. |
||