هؤلاء أبرياء فمن هم الجناة؟؟

  
راتب عبابنه
تم الإعلان عن براءة من كانوا موضع شبهة بقضية الكازينو لعدم كفاية الأدلة وعدم جرمية ما اتخذوه من تدابير وموافقات ومصادقات وعقود وما تم تحميله لخزينة الدولة من أعباء مالية من قبل من كانت تنظر المحكمة بمدى مسؤوليتهم عما حدث بخصوص ما سمي بفضيحة الكازينو ومدى جرمية إسهامهم بتلك القضية التي شغلت الرأي العام والصحافة والقضاء.
طالما أن هؤلاء الذين برأتهم المحكمة هم أركان القضية وهم التنفيذيون بحكم مواقعهم الوظيفية وهم من بزمن مسؤوليتهم حيكت الإتفاقية المشؤومة ووُقعت وهدر ما هدر من أموال وعمولات وترضيات، فمن يا ترى المسؤول عن ذلك إذا؟؟ هل هو القضاء؟؟ وللحق قضاؤنا ليس موضع شك، لكنه معني لا محالة. هل هي هيئة مكافحة الفساد؟؟ هل هي مؤسسة الدولة بمجملها؟؟ هل هي جهة خفية وقوة من عالم خفي؟؟ هل تقديمهم للقضاء تمثيلية لإقناع وإسكات الرأي العام الداخلي والخارجي بأن هناك جدية بمحاسبة الذين أساؤوا للوطن ومواطنيه؟؟
هل قضايا الفساد كبيرها وصغيرها افتعال وضرب من الخيال؟؟ هل هي افتراء وتجني على أولئك الذين صالوا وجالوا على حساب المواطن حتى أفقروه وأهلكوه وعبثوا بالأردن وثوابته وموارده ومقدراته ومكتسباته؟؟ هل براءتهم تنفي وجود الفساد؟؟ هل كل الأسماء التي زُرعت وخَططت للفقر والإفقار والمديونية المرتفعة ونفذت من خلال ما أسسته من فساد ومن خلال أزلام ضميرهم الكسب ودينهم الدولار ونهجهم تدمير الأردن، هل أصحابها فعلا أبرياء؟؟ هل نراهم يتقاطرون بطابور البراءة؟؟ هل الأدلة من الهلامية والهشاشة والضعف لدرجة أنها لا تشكل براهين دامغة على إدانتهم؟؟ هل هم من الإحتراف والذكاء والخبرة والتدريب, إذ بزمنهم صار بالإمكان تغطية الشمس بغربال؟؟
هل معايير المحاسبة والإدانة للكبار تختلف عنها للصغار؟؟ هل هناك ضغوط تمارس على القضاء وأدواته وعلى الشهود وتُخفى وثائق وحقائق ويُغيّب أشخاص أصحاب دراية واطلاع يمكنهم أن يحسموا الأمر؟؟ إنه لأمر محير يدعونا للتساؤل التالي : من يقف إذا خلف كل هذا الفساد ومن سبّب المديونية وأين ذهبت المليارات التي هي من حق الوطن والمواطن؟؟
لن نتفاجأ مستقبلا عندما تعلن براءة باسم عوض الله ويرد الإعتبار له ويتم التكفير عن "التجني" على شخصه وإذا به يرأس الحكومة ليعود أكثر قوة وأكثر شكيمة وأكثر إصرارا على الأنتقام وأوضح نهجا بالإنحدار بالأردن إلى أسوأ درجات الإنحدار. ولن نتفاجأ أيضا أن وليد الكردي كان يعمل تحت الشمس ولصالح الأردن ولم يجني مئات الملايين الحرام مستغلا موقعه الوظيفي والإجتماعي. وربما نصحو يوما على عفو عن محمد الذهبي مُسَبَّبا بظهور أدلة جديدة تثبت براءته وعدم مسؤوليته عما قام به. بالوقت نفسه نتمنى أن نفاجأ بإخلاء سبيل أحمد الدقامسة الذي تطالب بحريته كافة أطياف الأردنيين. بالمقابل نسأل: هل اسرائيل تعبأ برأي الأردن والرأي العام العالمي عندما ترى أنها تحقق مصلحة لشعبها كما تعبأ حكوماتنا برأي اسرائيل؟؟
ترى هل القضاء لا يطال الكبار؟؟ هل القضاء بزمننا هذا وديموقراطيتنا الوليدة وبزمن الإنفجارات العربية ما زال بينه وبين الكبار مسافة يصعب قطعها، بينما المسافة بينه وبين الصغار مختزلة؟؟ ليس تشكيكا بالقضاء ونزاهته ولكن هناك قضايا كبيرة أركانها أسماء من أهل العقد يتم تمييعها وتعويمها وكأنها ضرب من الخيال أو من قاموا بها هم من مخلوقات ليست بشرية ويصعب بل ويستحيل التعامل معهم وكشفهم. فمن أين تمأسس كل هذا الفساد الذي ذهب بنا كل مذهب؟؟
ألسنا ندور بحلقة مفرغة؟؟ قضايا تطرح وأقطابها بشر بيننا ويقدموا للقضاء ثم تعلن براءتهم. سمير الرفاعي طليق وباسم عوض الله أيضا ووليد الكردي هارب ومن هم بيد القضاء يبرأون. فمن الفاعل ومن هو الجاني ومن يقف خلف هؤلاء؟؟ هل ستحفظ قضايا الفساد والإفساد ضد مجهول فيتكاثر الفاسدون ويتعاظم فسادهم؟؟ ولا نذيع سرا عندما نقول أن من طالتهم يد القضاء وحكم عليهم بالسجن، جاء ذلك بمحض الصدفة التي لم يكن هناك مناص منها وبتأثير خارجي في سياق وخضم موضوع القاعده والجهد العالمي بمحاصرتها ماليا من قبل دول العالم وبوحي أمريكي، أو لأسباب سياسية غير معلنة متعلقة بحركة حماس وقطر ومنظمة التحرير ودوامة التجنيس واسطوانة منح الأرقام الوطنية.
وهذا يقودنا للتشاؤم بخصوص إدانة الأسماء الكبيرة التي بنت امبراطورياتها الإقتصادية والمالية والبشرية بالمتاجرة بقوت الأردنيين وثوابتهم. وكل ذلك يندرج تحت النهج المستهتر للحكومات ومؤسسة الدولة بعقول الأردنيين. إذ ما زالت حكوماتنا تقنع نفسها بإمكانية نجاحها بتمرير ما تريد تمريره دون أدنى حساب للشعب الذي بات يعي ويعلم ويدرك وهو جزء من العولمة المنفتحة التي أدخل بها الأردن ومن أكثر الشعوب تفاعلا وتعاملا مع وسائل الإتصالات والتواصل ومن أكثرها تعلما وتعليما وثقافة.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراءالقصد.
ababneh1958@yahoo.com