لـمّـا مصر تكون مجروحة على أبنائها أن يداووها

 
عندما تأتي إلى الدنيا روح مليئة بالخير والطمأنينة، روح بريئة من كل الذنوب والخطايا، تربيت في كنف أمك. سهرت عليك الليالي، وحامتك من الأخرين، تقلق عليك ليلاً نهاراً، تخاف عليك من النفوس المليئة بالسوء.
إذاً أمك هي غطائك من كل ما تتعرض له في الدنيا، فوجب عليك أنت أيضاً أن ترد لها الجميل مرتين. ولم توفيها حقها وقدرها أبداً، ولو جزءاً بسيطاً مما قامت به تجاهك.
هكذا هو الوطن الأم.. الوطن الجميل الذي تربينا على أرضه، وسنموت وندفن تحت ترابه، الوطن هو المأوى الوحيد لك مهما تغربت أو بعدت عنه. تعلمت مع أبناء وطنك، وكبرت في أحضانه وأحتواك بين جنباته من كل الأعداء الخارجين.
إن وطننا الجميل مجروح، ويريد من يداويه ويشد من أزره، ويصلح من أمره.
فإذا كنت مخلصاً لوطنك، فيجب عليك الوفاء والانتماء بما يمليه عليك ضميرك وإنسانيتك المفروضة تجاه وطنك. لقد انتشرت بعد الثورة التي لم تحقق أي نجاح أو تقدم يذكر. للأسف الشديد. إلاّ أنها قدمت شهداء ومصابين فداءً للوطن، وراحت الضحايا من كل جنبات الوطن.
الآن ما دور الشباب الذي كتب له العيش في الحياة.. هل يخرب.. يضرب.. يكسر.. لا يحترم.. هذا ما حصل بالفعل من بعض شبابنا (مع كل الإحترام إليهم جميعاً).
إن وطننا لا يحتاج إلى هذه الصفات، نحن في إحتياج للبناء والتنمية والإحترام لكل فئات شعبنا ومؤسساتنا. ولا يجوز بأي حال أن تقف في وجه ضابط أو عسكري يحميك ويخاف عليك.
أين أنتم يا شباب المستقبل؟ يا جيل الحياة القادمة الناعمة بكل ثروات بلادنا، أنهضوا وكفوا عما أنتم فيه لنفسكم ولغيركم.
إن الشباب الذين تأثروا بالبيئة وولدوا فيها، ونشأوا على ترابها وعاشوا من خير بلدهم. وجب عليهم الحقوق والواجبات من أخوة، وحقوق الجوار والقرابة، وحقوق كثيرة وجب عليك الأخذ بالإعتبار بها حتى تكون وفياً مخلصاً لوطنك.
يا شباب مصر الغالي تعلموا من سيد الخلق أجمعين عندما خرج من مكة وهو يقول (صلى الله عليه وسلم) (ما أحبك إليِّ ولو أن قومي أخرجوني منك، ما سكنت غيرك). هكذا قالها (صلى الله عليه وسلم)، وهو يودع مكة وطنه الذي نشأ فيه وتربى فيه. هذا هو حب الوطن الحقيقي النابع من قلبك أنت أيضاً.
يا شباب مصر.. إن مصر أغلى شيء في الوجود، وأحسن بلد خلق ووجد على الأرض، بلد ذُكر في القرآن الكريم، بلد دعا رسولنا (صلى الله عليه وسلم) لجنودها. بلد يعرف ما له وما عليه، بلد يُحترم في أي مكان في العالم، بلد له وزنه وثقله.
نعم.. أقولها بقول صدق وأمانة وأنا مغترب عنها.. ويحزني ويبكيني ويألمني ما أراه عليها الآن.
كيف لنا أن نعوض مصر ما عانت منه على مدار العصور. إن النهوض بالوطن لا يتحقق إلاّ بشبابها، هم الوحيدون القادرون على انتشالها مما هي فيه.
يا شباب اخرجوا وعمروا الصحراء، فإن فيها الخير كله، ولا تتركوها لأحد غيركم ينتفع بها، أنتم الأحق، أنتم الأقدر على ذلك، فهذا الخير لكم جميعاً ولمصر وشعبها أجمع.
الوطن غالي، ويجب علينا المحافظة عليه، وعلى تراثه ومعتقداته، ومؤسساته.
الخير لن يأتي إلاّ على أيديكم يا شباب مصر. كم من بلاد كثيرة وقفت على قدميها وأصبحت من أغنى الدول الآن.. وهم أقل منا بكثير.
نحن العلم.. الأزهر.. البحوث والاختراعات.. الجيش.. الثقافة.. الحضارة.. الأمن والأمان.. (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين).
حماك الله يا مصر