هل كان أسامة الدباس كبش فداء ؟!
بُرِّئ الدباس أم لم يُبرَّأ فالنتيجة محسومة من الأساس عندما اختزلوا القضية بشخص الدباس ليكون كبش فداء ، رغم أن مجلس الوزراء بقراراته متضامن متكافل متكامل .؟ لكن القضية لا تقف عند شخص الدباس بمقدار دقة حبكة التمثيلية التي برأت من يقف وراء الكازينو من الأساس وإلصاقها بشخص وافق على الأوامر وطبق التعليمات.
أشكر القضاء الذي برّأه لأنه كان كبش فداء وقربان لعبة أُوقفت بالوقت الضائع، التي يقف وراءها عبدة المال والطغيان وآلهة الفساد والاستغلال.
كثيرة هي القرابين التي تُقدّم ، وكثير هم من في السجون ظلما، لا لشيء، بل لأنهم يحملون خطيئة الكبار الذين يتقنون فن التلاعب مع الصغار، كدمى لعبة العرائس.
نحن جميعنا دمى ، وجميعنا مربوطون بالأغلال، والحيتان تتلذذ على رقصة الأَرجوزات التي أُجبرنا عليها، لك دور لا بد وأن تؤديه، لكن؛ الاقتراب من المنطقة الحمرا حرام ونار لاظية، من حقك أن تطلب فتات العيش، لكن؛ ليس من حقك ان تشتكي أو تستنكر، فقدرُنا أن نبقى هكذا أرجوزات، فبأيديهم القانون وبأيديهم السلطة وبأيديهم القرار والمال والاقتصاد، وكل شيء سُخّر لهم، فماذا بقي لنا غير أن نعوي أو ننبح أو نموء.
أشكر القضاء على بُعد نظره، وحالة الحق التي حكم بها ، لأنه من غير المنطق والحق أن نترك الرؤوس تسرح وتمرح، ونتبع الذيل والحراشف لنقطعها بحكم العدل والنزاهة. متى سيتوقف هذا النزف المهلك؟ أَلا من بارقة أمل ترينا بصيص نور؟ ونقول عندها عفا الله عمّا مضى. ما بالنا نتعامل مع قضايا الفساد بوجل وخوف ورهبة؟ لِمَ نخلط بين الفالح والطالح، لِمَ نخاف نبش عش الدبابير، أو الاقتراب من حقل الألغام، هل نجحت شبكة الفاسدين بأن تفرض الحصانة والهيبة وطوق الأمن حول نفسها، لنخاف الاقتراب منها، لِمَ يحاول رموز الفساد من علية القوم الاختباء بالعباءات كلما اقترب منهم سوط الحساب، وبالتنكيل والدسائس لكل من يقترب منهم بالكلمة والاشارة والتلميح ؟!.
هؤلاء وللاسف معروفون، لكنهم خلف أسوار عالية لا يطالها القانون، ولا هيبة حتى من شرع القانون ، فأين أنتم يا نواب الأمة . يا سيف الشعب وثقته.
لِمَ نستغرب تبرأة الدباس؟ فهذه أبسط قواعد العدل، فما دمنا برّأنا "الروس الكبيرة " فلِمَ نلبس ثوب الطهارة بمثل هذا المسكين الذي كان عبدا مأمورا ! فمن يقف وراء الكازينو هم المعنيون أمامنا ، وليس هؤلاء الكومّبرس المساكين.
سأصفق للقضاء الذي برّأ الدباس ليس للأدلة والبراهين والقناعات المترتبة على أصول المحاكمات الجزائية بل لفهم القضاء، بعد القضية ولبها التي حيكت لايقاع الدباس كبش فداء، لأن القضاء يدرك أن من الظلم أن تُلبس القضية برمتها لشخص، بينما ينعم الباقي بمتعة المشاهدة ، أصفق للقضاء الذي أعاد القضية لمن يريد أن (ينبشها ) من جديد بعدما فوتوا على آلهة المال والفساد فرصة إغلاق الملف بأقل الخسائر.
حال قضية الكازينو حال العديد من القضايا التي يسعى روادها إلى أن يطمسوها بالنسيان، وأن يصلوا بنا إلى حالة اليأس من المطالبة بذلك، فتصبح عملية ممارسة الفساد مشروعة بحكم يأس المواطن والمراقب والقاضي الأردني ، هكذا هم يريدون ويسعون ، فتارة البراءة رغم وضوح الجريمة ، وتارة العباءة التي يتستر بها العشرة البررة ، وتارة بنفوذهم وسلطتهم ومالهم الذي يسعون به على الدوام لشراء الضمائر وهو عرض لمن يريد ان يشتري .
عدنان سعد الزعبي |
||