العدوان الإسرائيلي على سوريا هل الصمت علامة الرضى؟


لم يثبت استعمال السلاح الكيماوي في سوريا ، وإذا ثبت فليس معروفاً على وجه اليقين من هو الذي استعمله ، ومع ذلك فإن كذبة السلاح الكيماوي والخطوط الحمراء الأميركية تذكرنا بكذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق ، في الحالتين مطلوب تبرير للعدوان الخارجي على سيادة بلد عربي مستقل.
إسرائيل لم تنتظر بل سارعت للقيام بغارتين جويتين على أهداف سورية حساسة ، ولم تربط هذا العدوان بما يقال عن السلاح الكيماوي المزعوم ، بل اعتبرته محاولة لمنع شحنات السلاح من سوريا إلى حزب الله في لبنان ، وهذه كذبة أخرى ، لأن إسرائيل ضربت مواقع وتجمعات عسكرية وليس قوافل متحركة ، كما أن المتوقـع في الظروف الراهنة أن يرسل حزب الله أسلحة إلى سوريا وليس العكس ، فسوريا ليس لديها فوائض من الأسلحة كحزب الله.
لماذا إذن قامت إسرائيل بعدوانها بحجم يزيد عن كونه رسالة لمن يهمه الامر. وما هو الجديد الذي ازعج إسرائيل ودفعها للقيام بهذا العدوان ضد بلد مجاور لم يهدد أمنها؟ أغلب الظن أن الهدف من الضربة الإسرائيلية هو التأثير على ميزان القوى داخل سوريا ، فقد كانت إسرائيل تكتفي بمراقبة الاوضاع المتفجرة في سوريا بارتياح إلى أن انقلب ميزان القوى فيها وأخذ الجيش السوري يحقق إنجازات على الأرض ، ويسترد مواقع هامة ويستعيد زمام المبادرة. الغارة الإسرائيلية هي دفعة بالحساب لمنع النظام السوري من إعادة فرض سيطرته ، ولطمأنه المسلحين الذين يقاتلون الحكومة إلى أنهم ليسوا وحدهم ، وبإمكانهم أن يصمدوا.
هذا لا يعني ان إسرائيل تقف مع جانب ضد آخر في سوريا ، فهي بالتأكيد ضد الجانبين ، ولا تريد أكثر من الحفاظ على التوازن بينهما لضمان استمرار الحرب بقصد استكمال تدمير الدولة السورية.
إسرائيل تقوم بهذه المغامرة المحسوبة لأنها تستطيع ذلك بدون أية تكاليف ، فسوريا ليست في وارد الرد على العدوان بمثلـه ، ولديها ما يشغلها عن ذلك ، وهي لم ترد على اعتداءات إسرائيلية سابقة لأنها تعرف أن ميزان القوى ليس في صالحها ، فلا معنى للدخول في حرب محسومة بالخسارة لمجرد تسجيل موقف يرضي معلقي الفضائيات.
العرب المنحازون ضد النظام السوري واجهوا العدوان الإسرائيلي بالصمت لأنهم يخشون أن تحسب إدانة العدوان لصالح النظام السوري ، وأن يسيء تأييد العدوان لموقف المقاومة المسلحة ، لكن الصمت في مثل هذه الحالة علامة الرضى.
الرأي