فوضى وخلافات بين اقطاب المعارضة.. رسائل ناعمة من الحكومة عشية الوجبة الجديدة من مسيرات الجمعة.. زحمة في الافكار والمبادرات

 
أخبار البلد- بسام البدارين-  عمان ـ 'القدس العربي'عندما توقفت سيارة وزير الداخلية الاردني ظهر الاحد الماضي قرب مقر البرلمان وسط زحام المعتصمين الذين اعاقوا حركتها رفض الوزير سعد هايل السرور نصيجة رجال المرور والشرطة بأن يغير من مسربه ويدخل مقر البرلمان من الباب الخلفي او يترجل بين المشاركين في المسيرة التي كانت تطلق هتافات عدائية باتجاه الحكومة.
موقف السرور كان كالتالي: احترم المعتصمين لكن سيارتي الرسمية لا ينزلني منها الا جلالة الملك والبرلمان فقط.
اخترقت السيارة براكبها الوحيد حشد انصار المعارضة الغاضبين بهدوء وسلام ولاحظ الوزير كما فهمت 'القدس العربي' بأن المشاركين في الاعتصام يفسحون الطريق امام سيارته دون الحاجة لاي تدخل رسمي وسط تبادل الابتسامات واحيانا التحيات بين المجموعة المعتصمة وبين الوزير خصوصا وان الاخير يتجول في سيارته منفردا في كل الاوقات بدون مواكبة او مرافقة كما فعل آخرون قبله.
قادة الاعتصام وخطباؤه وعلى رأسهم مراقب عام جماعة الاخوان المسلمين كانوا قبل سنوات فقط زملاء برلمان للوزير الحالي الذي حدد موقفه من مسيرات الاعتراض على النحو التالي: نحترم التعبير السلمي ولنا تحفظ على بعض الهتافات، ولا بد ان نفهم بعضنا البعض.
الحكومة وبعد اعتصام الاحد الماضي بحثت عن اجابة على السؤال التالي: هل رفع احدهم فعلا علما تونسيا؟... القانون لا يجيز رفع سوى العلم الاردني في الشارع لكن من الناحية القانونية ابلغ السرور الاربعاء الماضي قادة الاحزاب السياسية بالخبر التالي: مسيراتكم غير مرخصة وفيها مخالفة لاحكام قانون الاجتماعات العامة.
الرسالة واضحة هنا وهي ان الحكومة تعلم بأن المسيرات غير مرخصة لكنها سمحت بها من باب التفريغ العاطفي وقد لا تكون السلطات معنية بعد الان بالوقوف في نفس موقفها الاسبوع الماضي خصوصا بعدما قرر حزب جبهة العمل الاسلامي ولاول مرة تقريبا في تاريخه الحديث تنظيم مسيرة حاشدة اليوم الجمعة في وسط العاصمة عمان وتحت عنوان معيشي هذه المرة يخلو من المضامين السياسية المعتادة.
وداخل معاقل النقابات المهنية طرح بعض النقباء ملاحظات مهمة تتعلق بعدم توفير ذرائع في النسخة التالية من مسيرات الجمعة امام السلطات الحكومية لمنع الفعاليات او تشويه صورتها وهذه الملاحظات تركزت على الاكتفاء فقط برفع العلم الاردني والتأدب قدر الامكان في الهتافات وتجاوز مأزق لقمة الخبز للتحدث عن الاصلاح السياسي عموما.. بمعنى ان يكون الاصلاح هو اليافطة الرئيسية لاي تحرك في الشارع.
داخل الحكومة بحثت كل الخيارات الممكنة لاحتواء المسيرات بأنعم لغة ممكنة وتنفيذ خطوات قبل ابلاغ جهات المعارضة بأن اللجوء للشارع ممنوع وفقا لاحكام القانون وفي اطار الحصول المسبق على التراخيص وحتى تنجح خطة الاحتواء الحكومية طمأن الرئيس سمير الرفاعي وزراءه الذين انهكتهم الشائعات حول قرب رحيلهم بأن الحكومة باقية ثم تقررت عدة خطوات من بينها ظهور الناطق الرسمي ايمن الصفدي في مناظرة تلفزيونية مع الشيخ حمزة منصور والالتقاء بقادة الاحزاب السياسية والنقابات المهنية تحت اطار التحاور لمطالبتهم بوقف اللجوء للشارع مباشرة وتخفيف حدة المسيرات.
النقابات بدورها حاولت الافلات من التلويح الحكومي الواضح فقالت انها مستعدة للتحاور على ان لا يشمل ذلك مسيرات يوم الجمعة وفعلت النقابات ذلك حفاظا على وحدة صفوفها بعد بروز انقسامات على خلفية توجهات الامتناع عن المشاركات.
وبنفس التوقيت كان الوزير السرور مشغولا بتوجيه انعم رسالة ممكنة لقادة الاحزاب محورها : خالفتم القانون بمسيرات الاسبوع الماضي.. سكتنا عن الامر.. عبرتم عن ارائكم.. نرجو ان نجلس معا للتحاور بدلا من خيار الشارع فقط .. الظروف قد لا تسمح بانفلات هذه التعبيرات واستمرارها ونأمل ان نتعاون معا.
هذه الرسالة التقطها بعض المعتدلين في النقابات المهنية ويبدو انها لم تصل مباشرة للتنظيم المعارض الاهم وهو الحركة الاسلامية التي سارعت للاعلان عن نسختها من مسيرات الجمعة وفي وسط عمان وبشكل منفرد عن لجان عمال المياومة ونشطاء المتقاعدين وحركات اليسار.
اذا ما سيحصل اليوم الجمعة يترقبه الجميع ويشغل الجميع في نخب المعارضة والادارة الحكومية ووسط الانشغال بالامر تسلل وفد من قادة احزاب المعارضة لمكتب رئيس مجلس النواب فيصل الفايز وسلموه مذكرة مطولة قائمة على فكرتين اساسيتين: نريد حوارا وطنيا شاملا يطال كل الملفات ونرغب بالعمل مع مؤسسة البرلمان على صياغة ميثاق وطني جديد .
وفي الختام يمكن ببساطة ملاحظة ان مطالب هذه المذكرة لا تسير بالتوازي مع خط الاصلاحات التي طالب بها مؤخرا التيار الاسلامي.. الاستنتاج هنا واضح وفقا لسياسي عريق فلا يوجد اجماعات في المعارضة والبرلمان والحكومة على اي برنامج محدد والساحة تزدحم بالمبادرات والمطالب وبشكل قد يعيق حركة جميع المؤسسات والخشونة خيار مطروح في التعامل مع المسيرات.