شكرا للنواب، الأقصى خط أحمر
أي موقف رسمي أردني متشدد من سياسات إسرائيل يقوي الحكومة
تطورات الأحداث في الملف الفلسطيني باتت مقلقة لكنها تحمل طرفا من أمل في تصحيح مسار موقف الاستسلام العربي، فقرار مجلس النواب الأردني بمطالبة الحكومة بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب أعطى قوة ضغط حركت كل المسارات، وكذلك تصريحات القيادي في حركة حماس الدكتور محمود الزهار، الذي قال في مقابلة مع الزميلة "الدستور" إن الكونفدرالية المزعومة بين الأردن وفلسطين لا يمكن أن تتم على أرض الواقع.
الموقف النيابي الأردني جاء ملبيا لمشاعر الشعب الأردني وعموم الشعب العربي لأن إحداث نقلة عربية في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي يعني أن الربيع العربي بدأ يؤتي أكله، إضافة إلى أن الموقف النيابي جاء داعما للموقف الرسمي خاصة موقف جلالة الملك الذي يقول باستمرار إن عدم حل القضية الفلسطينية لن يعطي استقرارا للمنطقة بل يؤجج الصراعات ويأتي بالمتطرفين من الجانبين.
وقرار النواب بالإجماع هز إسرائيل التي باتت تخشى من تصعيد الموقف الشعبي ضدها، وتكريس الضغط على الحكومة من أجل سحب السفير أو اتخاذ إجراءات أكثر صرامة من الاعتداءات الصهيونية على الأقصى والقدس، فتل أبيب تعرف أن السلام مع الأردن بارد، وأن الأردنيين لا يقبلون بالتعامل معها، لكنها تعرف أن حركة الشارع يمكن أن تغير موازين القوى.
الموضوع في غاية الخطورة بعد أن بدأت الحكومة الإسرائيلية في التفكير بتقسيم المسجد الأقصى المبارك بحجة السماح لليهود بالصلاة في "جبل الهيكل"، وهذا التفكير يعد إحراجا للأردن ولاتفاقية الوصاية الموقعة مع رئيس السلطة الفلسطينية، حتى أن وسائل إعلام إسرائيلية اعتبرت قرار مجلس النواب جاء بإيعاز رسمي.
وهذا لا يعيب، بل يؤكد ترابط الشعب مع القيادة التي لا تقبل أي مساس بالأماكن المقدسة لأن معاهدة السلام حفظت دور الأردن والهاشميين الإشرافي على تلك الأماكن، وهذا ما يؤكد أن الدولة الأردنية ستتعامل بأعلى درجات الجدية مع الموقف، وكان استدعاء السفير الإسرائيلي من أجل تحذيره من أي خطوات إسرائيلية متهورة، والموقف المتشدد تجاه إسرائيل هو مطلب لرأي عام يمكن أن يقوي الحكومة ويدعمها شعبيا وبرلمانيا حتى لو اتخذت قرارات اقتصادية غير شعبية مثل رفع أسعار الكهرباء.
أما تحذير محمود الزهار من الكونفدرالية واعتبارها " الوطن البديل الذي تريده إسرائيل للفلسطينيين" فهو في مكانه لأن الخلاف الفلسطيني- الأردني حول الكونفدرالية لا يمكن تطويقه، وسيتحول من خلاف مع دولة الاحتلال إلى خلاف بين الفصائل الفلسطينية من جهة وبين الفلسطينيين والأردنيين من جهة أخرى.
بمعنى أن توقيت طرح الكونفدرالية المشبوهة يأتي في سياق قيام إسرائيل بتصدير أزمتها الداخلية إلى الجانب العربي وتحديدا الفلسطيني والأردني، ونقل التناقض العربي مع الاحتلال إلى تناقض بين الأردنيين والفلسطينيين.
فالوطن البديل ليست سياسة أردنية بل هي أهداف إسرائيلية لحل مشاكل الاحتلال وتبعاته على حساب الأردن والشعب الفلسطيني، فمن لا يريد حل القضية الفلسطينية هو يسعى حتما للوطن البديل، والأردن ليس لديه أطماع في الأراضي الفلسطينية، فهو لن يفاوض معهم أو يفاوض عنهم، لكنه يمتلك حق الفيتو إذا ما كانت الحلول لا تلبي مصالحه الوطنية.
n.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم