نسخة أردنية من الشيخ متولي الشعراوي.. مناسف وسلفيون وشيوخ مولينكس وعرس جهادي على العربية
اخبار البلد- على طريقة الشيخ متولي الشعراوي- رحمه إلله- التلفزيونية الشهيرة جلس الشيخ المبجل وسط غابة من أتباعه ومن الفضوليين مستعدا فيما يبدو لتقديم حصته الدينية على هامش مناسبة إجتماعية أقيمت على سطح بائس في منطقة حي النزهة بالعاصمة الأردنية عمان .
السطح بإعتباره مسرحا للحدث المثير للدهشة يقع بالقرب من الأزقة التي تجول فيها مطولا نجم عملية خوست الشهيرة في أفغانستان همام البلوي الطبيب الشاب الذي إخترق سلسلة من نظم الإستخبارات ونفذ عملية لا زالت أسرارها قيد الكتمان.
بعد تناول ما تيسر من أطباق المنسف العملاقة {.. المثير أن المنسف في بلادي قاسم مشترك للجميع معارضين أو حكام .. مواطنين أو مسئولين} .. تحلق الرجال وجميعهم ملتحون ويرتدون الزي التقليدي للمجموعات السلفية حول شيخهم المثير للجدل .
كنت وحدي الحليق نسبيا بين حشد الملتحين ورغم أن وجهي يستضيف لحية صغيرة جدا شعرت بأني الأصلع اليتيم بين غابة من الوجوه التي إستوطنها الشعر بكثافة .
إفتتح أحد الموجودين موسم الحوار بالطريقة الإستعراضية التالية : سيدي الشيخ .. هذا فنجان قهوتنا لن نشربه إلا بعد تلبية طلبنا.
رد الشيخ بسرعة: إذا لن تشربه أبدا ثم أضاف باللهجة العامية:: ألله يجعلك ما تشربه .
.. فهمنا بعدها بسرعة ومن لسان الفقيه بأن قصة فنجان القهوة بدعة إجتماعية لا أصل لها في الفقه الإسلامي وبالتالي طلب الشيخ عرض الطلب بدون قصة الفناجين هذه .
دلق الفنجان على أرضية السطح وتبين ان طلب السائل يتعلق بوفد حضر من أحد الأحياء المجاورة في محاولة لإقناع الشيخ ومناشدته تقديم درس ديني أسبوعي في مسجد الحي.. إعتذر الرجل بإصرار ملمحا لإنه لا وقت لديه واعدا بزيارة لمرة واحدة .
لاحقا بدأ مطر الأسئلة من الطراز التالي : سيدي الشيخ ألا يوجد في نقل القرنية من عيني رجل ميت مثلة{المقصود التمثيل بالجثث كما يحصل في العراق}؟.. لماذا يجيز الحنابلة الكذب على الزوجة أحيانا ؟.. ألا يحرم قطع او كسر عظمة الميت كحرمتها في الحي؟.. أيهما المسافة الشرعية أكثر عند إرتداء ثوب الرجل تحت الركبة بقليل أم عند الكعب؟.
وقف أحدهم وعرف على نفسه بالشكل التالي : انا خبرتي في المشرحة ومع الأموات تزيد عن 16 عاما .. أقسم يا شيخنا ان قرنية العين عند التبرع بها تؤخذ من مؤخرة الرأس وليس من محجر العين ويشق الرأس على طوله للحصول عليها ثم يخيط ولا يدري اهل الميت بالأمر.
رفض الشيخ تصديق هذه الرواية للتابع وقال : يا أبني شكلك غلطان .. ما أعرفه ان القرنية تسحب بالملقط من جانب العين وببساطة .. شكلهم جماعتك أخذوا القرمية وليس القرنية .
.. ضحك الجميع أصر الشاب المتخصص بتكفين الأموات على رأيه فغرق الجميع بنقاش يتعلق بعلم التشريح الخاص بمحجر العينين ولم يقفل النقاش بهذه القضية المصيرية إلا عند إستشارة هاتفية لأحد أطباء العيون فصمت فتى الأموات قائلا أنه سيلتقي بالطبيب لمناقشة الأمر معه.
شخص آخر من الجمهور اعاد السؤال بطريقة مختلفة: سيدي الشيخ إذا لم يكن إستئصال القرنية مشتبها شرعيا ألا تعتبر زرعها في محجر مسلم فيه مثلة {التمثيل بالجثث مرة أخرى}على الحي؟.
بعد ربع ساعة من النقاش حول شرعية أو حرمة التبرع بالأعضاء أدركت أن الوقت يمضي بدون الوصول إلى موضوع جوهري في جلسة لا تتاح لي دائما مع واحد من أبرز منظري التيار السلفي المعتدل وليس الجهادي في الأردن فقلت:هذه جلسة في علم التشريح يا شيخنا ألا تفيدنا بتشريح حال الأمة؟.
.. هنا إستخدم الشيخ علم الإيحاء الجسدي للتأكيد على الحقيقة التالية: يا اخي الكريم .. هذا مجلس علم ونحن لا نتحدث بالسياسة .. إندفع الرجل للإجابة على أسئلة مماثلة ثم قررت طرح السؤال التالي : هل تسمح با شيخنا بسؤال لا علاقة له بالسياسة؟ قال : نعم تفضل.. قلت: فقهيا ما هي مبرراتك الشرعية لعدم التحدث بالسياسة ؟.
شعر الرجل باني أسعى لتوريطه في نقاش سياسي فقال عبارات سريعة ومبهمة وإختصر الأمر بعبارة أعجبتني : شيخنا قال لنا بأنه من السياسة عدم التحدث بالسياسة .
ثم عاد مستدركا : قلت لا نريد التحدث في السياسة .. نحن مع السلام .
أحببت أن أسأل شيخنا المقدر عن مسألة السلام لكن صديقي ومرافقي للجلسة الشيخ محمد الحديد إختطف المايكروفون وقدم مداخلة سريعة بعنوان: واقعنا العربي وشيوخ المولينكس وهي مداخلة تتحدث عن مفتي السلطان وشيوخ الدين الإسلامي الذين يقدمون الأراء وفقا للطلب الرسمي او يزينون سياسات الطغيان أو يتعاونون مع سفارات أمريكا في المنطقة .
من بين كل الأراء التي طرحها إبن الحديد إلتقط زعيم التيارالسلفي الذي نجالس جماعته فكرة واحدة ضاحكا: بصراحة أعجبتني هذه قصة شيوخ المولينكس اما سفارة أمريكا فقد إستدعتني مرة واحدة فقط لشطب تأشيرتي وكانت مدتها خمس سنوات.
سعدت لإن شيخنا يملك تأشيرة لخمس سنوات وتشطب وقلت لصديقي إبن الحديد أني تمنيت دوما ان يزودني الأمريكون بتأشيرة ثم يلغونها لاحقا .
بعد الجلسة الممتعة برفقة الشيخ صاحب الكاريزما بكل الأحوال إستطعت التمييز بين ثلاثة أنواع من السلفيين في الأردن فقط الأول المعتدل جدا وغير المهتم بالسياسة بقيادة صاحبنا.. الثاني يمثله الشيخ علي الطهراوي النجم الشهير لبرنامج {صناعة الموت} الذي بثته محطة العربية وتضمن حفل عرس سلفي في مدينة إريد شمالي البلاد لنجل الطهراوي تخلله خطابات متلفزة تشيد بأسامه بن لادن وتمتدح الظهراوي وقادة الحركات الجهادية في العالم .
الطهراوي نجم برنامج صناعة الموت الشهير الذي بثته فضائية العربية خرج من السجن قبل أسابيع فقط مصابا بتضخم في الطحال بعد ان دخله بسبب عرسه الشهير الذي حوله إلى منصة إحتفال على الطريقة الأفغانية.
أما النوع الثالث فيمثله الشيخ أبو محمد المقدسي الذي عادة للسجن مؤخرا ويخضع للمحاكمة وهو رجل له قصة طريفة فقد إعتقل خمس سنوات متواصلة بدون تهمة محددة وبدون محاكمة وعندما زاره وفد مدني دولي للإطمئنان على أوضاعه داخل مركز التوقيف الأمني قال : أحوالي جيدة فأنا هنا قطعة من ألأثاث كالكرسي مثلا.