العنف والسلاح والقانون


ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻈﻮاھﺮ اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﺘﺰاﻳﺪ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ واﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ، ارﺗﻔﺎع وﺗﯿﺮة اﺳﺘﺨﺪام
اﻷﺳﻠﺤﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎلها اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، وﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻨﺎرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎﺟﺮات واﻷﺣﺪاث اﻟﻌﻨﯿﻔﺔ، ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ
داﺧﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت أم خارجها. وﺛﺎﻧﯿﺎ، اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ھﺬه اﻷﺣﺪاث، وطﻮل ﻓﺘﺮة اﻟﺘﻘﺎﺿﻲ، وﻋﺪم
اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت.
إن ھﺬﻳﻦ اﻟﺒﻌﺪﻳﻦ ھﻤﺎ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎھﻢ ﻓﻲ ازدﻳﺎد اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ اﻟﻌﻨﻒ، وﻓﻲ ﺿﻌﻒ وﺗﺮاﺟﻊ ھﯿﺒﺔ
وﺳﯿﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﺟﺘﺜﺎث ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة.
ورﻏﻢ أن ھﻨﺎك ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺘﺮﺧﯿﺺ اﻟﺴﻼح وﺣﻤﻠﻪ ﻓﻲ اﻷردن، إﻻ أن اﻻﻟﺘﺰام ﺑﮫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺒﺪو اﻵن ﻓﻲ ﺣﺪه
اﻷدﻧﻰ، ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﻗﺘﻨﺎء اﻟﺴﻼح وﺣﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻳﻦ لديهم رﺧﺼﺔ ﺑﺤﻤﻠﻪ؛ ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ؛ إذ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ
أن اﻗﺘﻨﺎء اﻟﺴﻼح ﺑﺄﻧﻮاﻋﻪ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ (ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺪس إﻟﻰ اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻷﺗﻮﻣﺎﺗﯿﻜﯿﺔ) ﻣﻨﺘﺸﺮ ﺑﻜﺜﺮة ﻟﺪى ﻋﺎﻣﺔ
اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ، وﺑﻔﺌﺎﺗﮫﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، وأﺧﻄﺮھﺎ ﻓﺌﺔ اﻟﺸﺒﺎب.
ﻟﻘﺪ ﺟﺎء اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﯿﻔﺴﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻠﻔﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ ظﺮوف عملها أو معيشتها اﻗﺘﻨﺎء اﻟﺴﻼح، وﺣﺪد ظﺮوف
ﺣﻤﻠﻪ. ﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻧﺘﺸﺎر اﻗﺘﻨﺎء وﺣﻤﻞ اﻟﺴﻼح ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺮﺧﺺ أو ﻏﯿﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻘﺘﺼﺮاً ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺔ أو
ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﯿﻨﺔ، ﺑﻞ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺴﻼح اﻵن اﻟﺸﺒﺎب وطﻠﺒﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻮن واﻟﻘﺎطﻨﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ واﻟﺮﻳﻒ ﻋﻠﻰ
ﺣﺪ ﺳﻮاء. ﺻﺤﯿﺢ أن ھﻨﺎك ﻗﯿﻤﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻗﺘﻨﺎﺋﻪ أﺣﯿﺎﻧﺎً، وﻟﻜﻦ ﺣﺠﻢ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺴﻼح ﻳﺘﺠﺎوز ﻛﻞ
اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ، ﻟﯿﺆﺷﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻨﺎس ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎطﻤﺌﻨﺎن أﻛﺜﺮ إذا ﻛﺎن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺳﻼح، أو أن اﻟﺒﻌﺾ ﻳﻘﺘﻨﯿﻪ
ﻟﻼﺳﺘﻘﻮاء ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ﻓﺈن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ.
وﻋﻮدة ﻟﻠﺴﻼح واﻟﻌﻨﻒ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ أﺑﺴﻂ اﻟﻤﻌﺎدﻻت اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ھﻲ أن ﻣﺠﺮد ﺗﻮﻓﺮ اﻟﺴﻼح أو أي أداة ﺑﺤﻮزة ﺷﺨﺺ
ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﯿﺎﻻً إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ، ﻋﻦ وﻋﻲ أو ﺑﺪوﻧﻪ، ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺷﺠﺎر ﻗﺪ ﻳﺘﻮرط ﻓﯿﮫﺎ ﻣﻊ آﺧﺮﻳﻦ. إذن، ﻓﻤﺠﺮد ﺗﻮﻓﺮ
اﻟﺴﻼح ﻳﺴﮫﻞ اﻻﺳﺘﺨﺪام، وﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ وﺗﯿﺮة اﻟﻌﻨﻒ ﻋﻨﺪ وﻗﻮﻋﻪ، وﻳﻔﺎﻗﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺪي ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﻳﺸﺠﻊ اﻟﻨﺎس
ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ حقهم بأنفسهم.
وﺛﻤﺔ ظﺎھﺮة ﻻ ﺗﻘﻞ ﺧﻄﻮرة ﻋﻦ ظﺎھﺮة ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻼح، ھﻲ ﺿﻌﻒ إﺟﺮاءات اﻟﺘﻘﺎﺿﻲ، واﻟﺒﻂء اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ
اﻟﺘﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﯿﺎن.
وﻣﻦ أﺑﺮز ﻣﻈﺎھﺮ ﺿﻌﻒ اﻟﺘﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ھﻲ أﻧﻪ، وﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﯿﺎن، ﻳﻘﻮم اﻟﻤﻌﺘﺪي
واﻟﻤﻌﺘﺪى ﻋﻠﯿﻪ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺷﻜﻮى ﻟﺪى اﻟﺠﮫﺎت اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﻊ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ طﺒﻲ ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ أو ﻧﺘﯿﺠﺔ
اﻓﺘﻌﺎل اﻷذى. وﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﺎدة أن اﻻﺛﻨﯿﻦ ﻳﺼﺒﺤﺎن ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ، ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ أﻣﺎم اﻟﺠﮫﺎت اﻷﻣﻨﯿﺔ، وﻻﺣﻘﺎ 
ﻟﺪى اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ. واﻟﺤﻞ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ھﻜﺬا ﺣﺎﻟﺔ، وﺑﻌﺪ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ (اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ)، ھﻮ ﺗﻨﺎزل اﻟﻄﺮﻓﯿﻦ ﻋﻦ
اﻟﺸﻜﻮى. وﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻟﺤﺎﻻت ﺗﻨﺘﮫﻲ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ھﻨﺎ، وﻻ ﺗﺘﻢ متابعتها ﻣﻦ ﻗﺒﻞ الجهات اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ.
اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ھﻲ أن ﺣﻘﻮق اﻟﻤﻌﺘﺪى عليهم ﺗﻀﯿﻊ، وﺗﺘﻄﻮر ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن وإﺟﺮاءات اﻟﺘﻘﺎﺿﻲ، وﺑﺮوز ﻧﺰﻋﺔ
ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻮق ذاﺗﯿﺎً وﻣﻦ ﺧﻼل اﻷطﺮ اﻟﻌﺎﺋﻠﯿﺔ أو اﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ. واﻟﻀﺤﯿﺔ اﻟﺤﺘﻤﯿﺔ ﻟﺬﻟﻚ ھﻲ ﺗﺮاﺟﻊ ھﯿﺒﺔ
اﻟﻘﺎﻧﻮن وﺳﯿﺎدﺗﻪ، وﻋﺪم ﺣﺼﻮل اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﮫﻢ.
إن اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺴﻼح وﺣﻤﻠﻪ، وﺿﻌﻒ إﺟﺮاءات اﻟﺘﻘﺎﺿﻲ، ﻳﺴﺎھﻤﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ ﻓﻲ ﺣﺼﻮل اﻟﻌﻨﻒ واﻧﺘﺸﺎره
وﺗﺠﺪده، ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ داﺧﻞ أﺳﻮار اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت أم خارجها.
ﻟﻘﺪ ﺑﺎت ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري ﺗﻮﺟﯿﻪ اﻻھﺘﻤﺎم ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻤﺴﺄﻟﺘﯿﻦ، ﻛﺸﺮط أﺳﺎس ﻟﻤﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
واﻟﺤﺪ ﻣﻨﻪ. وﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب اﻟﺬي ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻨﻒ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ، ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ
ذات اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮع، واﻟﺘﺤﺮك ﻟﻮﺿﻊ أو ﺗﻌﺪﻳﻞ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎت ذات اﻟﻌﻼﻗﺔ.