يحذروننا بعد أن ورطونا


أﻛﺜﺮ ﻣﺎ أﺷﻐﻞ اﻹﻋﻼﻣﯿﯿﻦ واﻟﻤﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ﻟﺰﻳﺎرة وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻋﻠﻲ أﻛﺒﺮ ﺻﺎﻟﺤﻲ، ﻟﻌﻤﺎن، ﺳﺆال ﻏﺮﻳﺐ: ھﻞ
ﺣﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﻲ رﺳﺎﻟﺔ ﺗﺤﺬﻳﺮ ﻟﻸردن ﻣﻦ ﻣﻐﺒﺔ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ؟ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺴﺆال ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﯿﺲ ﻣﻔﺎﺟﺌﺎ وﻻ
ﺟﺪﻳﺪا، وﻧﺴﻤﻌﻪ ﻳﻮﻣﯿﺎ ﻓﻲ أطﺮوﺣﺎت اﻟﻤﺆﻳﺪﻳﻦ واﻟﻤﻌﺎرﺿﯿﻦ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري ﻓﻲ اﻷردن، وﻓﻲ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻋﻤﻮﻣﺎ. ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﻮم ﻳﻤﺮ ﺑﺪون أن ﻧﻄﺎﻟﻊ ﺑﯿﺎﻧﺎ ﺣﺰﺑﯿﺎ أو ﻣﻘﺎﻻ ﺳﯿﺎﺳﯿﺎ ﻳﺤﺬر ﻣﻦ اﻟﺘﻮرط ﻓﻲ اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ، أو ﻳﻨﺪد
ﺑﺪور اﻷردن ﻓﻲ دﻋﻢ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺗﺎرة، واﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري ﺗﺎرة أﺧﺮى، وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﻣﻮﻗﻒ الجهة اﻟﺘﻲ
ﺗﻘﻒ ﺧﻠﻒ اﻟﺒﯿﺎن.
ﻧﻘﻠﺖ وﺳﺎﺋﻞ إﻋﻼم ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري، وأﺧﺮى ﻣﺆﻳﺪة ﻟﻪ، ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻘﺎدة ﻓﺎﻋﻠﯿﻦ ﻓﻲ
اﻹﻗﻠﯿﻢ، ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻀﻤﻮن؛ ﺗﺤﺬﻳﺮ اﻷردن ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻋﻠﻰ ﺧﻂ اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ.
ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻄﺮﻓﯿﻦ ﺗﺜﯿﺮ اﻟﻌﺠﺐ ﺣﻘﺎ، ﻛﻮﻧﮫﺎ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﺟﮫﺎت ﻣﻌﻈﻤﮫﺎ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﻠﮫﺎ ﻣﺘﻮرطﺔ ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ، أو
ﻋﻦ ﺷﺨﺼﯿﺎت ﺗﺪﻋﻢ دوﻻ ﻣﻨﺨﺮطﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﻠﻲ ﻓﻲ دﻋﻢ اﻟﻨﻈﺎم واﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﻣﺎﻻ وﻋﺘﺎدا.
اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ھﺬا اﻟﻄﺮف أو ذاك ﻳﺼﺒﺢ ﺧﻄﯿﺌﺔ وﺷﺤﻨﺎ ﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ ﻳﺴﻔﻜﻮن دﻣﺎء اﻟﺴﻮرﻳﯿﻦ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻷردن ﻓﻘﻂ! ﻟﻜﻦ ھﺆﻻء اﻟﻐﯿﻮرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ ودﻣﺎء اﻟﺴﻮرﻳﯿﻦ ﻻ ﻳﺴﺄﻟﻮن انفسهم؛ ﻣﺎذا
ﻳﺴﻤﻮن اﻟﺪﻋﻢ اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻟﺴﻮرﻳﺔ؟ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﻤﻮﺛﻘﺔ ﺗﻘﻮل إن ﻗﻮات إﻳﺮاﻧﯿﺔ ﺗﻘﺎﺗﻞ ﻋﻠﻰ اﻷرض، وﻻ ﻳﻨﻜﺮ اﻹﻳﺮاﻧﯿﻮن
ذﻟﻚ. وﺗﻘﻮل اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ أﻳﻀﺎ إن ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺣﺰب ﷲ ﺗﺨﻮض ﻣﻮاﺟﮫﺎت ﺷﺮﺳﺔ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻠﺪة ﺳﻮرﻳﺔ. وروﺳﯿﺎ اﻟﺘﻲ
دﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات، ھﻲ اﻟﺪاﻋﻢ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري، وﻗﻮاﺗﮫﺎ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﯿﻨﺎء طﺮطﻮس،
وﺿﺒﺎطﮫﺎ ﻳﻘﻮدون ﻏﺮف اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺷﺤﻨﺎت اﻟﺴﻼح اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ.
ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ، ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﺣﻠﻒ ﺧﻠﯿﺠﻲ-ﺗﺮﻛﻲ وﻏﺮﺑﻲ ﻟﻤﺪ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼح واﻟﻤﺎل
واﻟﺮﺟﺎل؛ اﻟﺤﺪود اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﯿﮫﺎ ﻹﺳﻨﺎد اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻔﺘﺎﻛﺔ، واﻷﻣﻮال اﻟﺨﻠﯿﺠﯿﺔ ﺗﺼﻞ
ﺑﺎﻟﻤﻼﻳﯿﻦ ﻷﺷﺪ اﻟﻤﻌﺎرﺿﯿﻦ ﺗﻄﺮﻓﺎ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ.
اﻟﻌﺮاق ﺑﻜﻞ ﺗﯿﺎراﺗﻪ ﻟﯿﺲ ﺑﻌﯿﺪا ﻋﻦ ﻣﯿﺪان اﻟﻘﺘﺎل، واﻷطﺮاف اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ؛ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﺤﺮﻳﺮي ﺗﻤﺪ
اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼح واﻟﻤﺎل، وﺣﺰب ﷲ ﻳﺤﺎرب إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﻈﺎم.
اﻟﺠﺎر اﻟﻌﺪو ﻟﺴﻮرﻳﺔ؛ إﺳﺮاﺋﯿﻞ، ﺣﺎﺿﺮة ھﻨﺎك، ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻌﺪوان اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻛﺎﻟﺬي ﺷﮫﺪﻧﺎه ﻗﺒﻞ أﻳﺎم، ﺑﻞ ﺑﺄﺟﮫﺰﺗﮫﺎ
اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺬرع رﺟﺎﻟﮫﺎ ﺷﻤﺎل ﺳﻮرﻳﺔ وﺟﻨﻮﺑﮫﺎ، وﻳﻨﺴﺠﻮن ﺧﯿﻮط اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ أطﺮاف اﻟﺼﺮاع. اﺳﺘﺨﺒﺎرات
اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﮫﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻟﺴﻮرﻳﺔ، ﻻ ﺑﻞ إن ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺪول ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺗﺪرب وﺗﻨﻔﺬ
ﻋﻤﻠﯿﺎت ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﻨﺎطﻖ. 
ﻟﻨﻜﻦ ﻣﻨﺼﻔﯿﻦ، اﻷردن ﻟﻢ ﻳﺘﻮرط ﻓﻲ اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ. وإن ﺣﺪث ذﻟﻚ، ﻓﮫﻮ آﺧﺮ اﻟﻤﺘﻮرطﯿﻦ. اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن ﻓﺸﻞ
اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ أزﻣﺘﻪ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ، ودﺧﻮل ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻷطﺮاف اﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﯿﮫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ اﻷزﻣﺔ،
ھﻲ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺖ اﻷردن ﻓﻲ ورطﺔ؛ ورطﺔ اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ، وﺧﻄﺮ اﻟﻤﺘﺸﺪدﻳﻦ، واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ
اﻧﻘﻄﺎع ﺧﻄﻮط اﻟﺘﺠﺎرة ﻣﻊ ﺳﻮرﻳﺔ ودول اﻹﻗﻠﯿﻢ، وﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﯿﻨﺎء ﺣﯿﻔﺎ.
وﺗﺘﻤﻠﻚ اﻟﻤﺮء ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﮫﺠﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻌﺾ أوﺳﺎط ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻤﺆﻳﺪة ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري وھﻲ
ﺗﺤﺬر اﻷردن ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﯿﻞ، "وﺗﺴﮫﯿﻞ" ﻣﮫﻤﺘﮫﺎ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ. اﻷردن ﻻ ﻳﻤﻠﻚ رﺑﻊ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﻪ ﺳﻮرﻳﺔ ﻣﻦ
اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻤﺘﻄﻮرة واﻟﺪﻓﺎﻋﺎت اﻟﺠﻮﻳﺔ، وﻣﻊ ذﻟﻚ ظﻞ اﻟﻄﯿﺮان اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﻳﻤﻄﺮ ﻗﻠﺐ دﻣﺸﻖ ﺑﺎﻟﺼﻮارﻳﺦ ﻟﺴﺎﻋﺔ
وﻧﺼﻒ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻗﺒﻞ أﻳﺎم، وﻟﻢ ﺗﺮد اﻟﺪﻓﺎﻋﺎت اﻟﻌﺘﯿﺪة!
إذا ﻗﺮرت إﺳﺮاﺋﯿﻞ أن ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻷﺟﻮاء اﻷردﻧﯿﺔ، وھﺬا ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﺣﺘﻰ اﻵن، ﻓﮫﻞ ﻳﻤﻠﻚ
اﻷردن اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻌﮫﺎ. دﻋﻮﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺰاودات، وﻟﻨﻜﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﯿﯿﻦ ﻗﻠﯿﻼ.
ﻛﻠﮫﻢ ﻣﺘﻮرطﻮن ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ، وﻣﺴﺆوﻟﻮن ﻋﻦ اﻟﺪم اﻟﺴﻮري اﻟﻤﺒﺎح، وھﻢ آﺧﺮ ﻣﻦ ﻳﺤﻖ ﻟﮫﻢ ﺗﺤﺬﻳﺮ اﻷردن "اﻟﻮرطﺎن
ﺣﺘﻰ ﺷﻮﺷﺘﻪ" ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ أﻋﻤﺎلهم.