مناقشة موازنة قطعت نصف السنة
عندما يبدأ مجلس النواب مناقشة مشروع قانونها تكون الموازنة قد دخلت شهرها السادس, فما الذي سيناقشه السادة النواب في موازنة قطعت نصف سنتها المالية ؟.
إذا كان جائزا فعلى مجلس النواب أن لا يضيع وقته في مناقشة موازنة بلغ الإنفاق فيها نسبة 50% تقريبا , بأن يمررها , على أن يبدا بالتحضير لموازنة العام المقبل وهي التي يفترض أن تبدأ الحكومة بالإعداد لبنائها في غضون شهرين على أساس برنامج التصحيح المالي الثلاثي المتفق عليه .
بالعادة تغرق مناقشات السادة النواب في مطالبات تضيف الى الموازنة نفقات لا يمكن أن تتحقق فللمجلس أن يخفض الإنفاق وليس له أن يزيده بموجب الدستور وحتى لو أن سيل الخطب المرتقب بشأن الموازنة تضمن مقترحات جوهرية فإنها ستكون بأثر رجعي
ولن يكوم بإمكان موازنة أنفق منها بمقدار النصف في إضافة مشاريع أو شطب أخرى فالمهم في مشروع الموازنة هو وقف تنامي العجز الذي يعني بالضرورة إرتفاع المديونية , وهو ما لا يمكن أن يتم بتخفيض رقم هنا أو هناك أو شطب نفقة هنا أو هناك , فالعملية ستحتاج الى بناء سياسات محددة تفضي الى أرقام صحيحة.
حتى اللحظة لم تفرج مالية النواب عن تقريرها , وهو ما سيتضمن جملة من الملاحظات والتوصيات التي خلصت اليها في ختام جولات من الحوارات مع الوزراء والمسؤولين حول المشروع , والتوصية الشكلية الأساسية هي خفض وترشيد الإنفاق في موازنة متشددة أصلا , على أن هذه التوصيات ستذهب بلا فائدة ليس لأنها ليست مهمة بل لأن أوانها قد فات , ولو كنت مكان اللجنة لاستبدلت التقرير من الحديث عن موازنة قطعت نصف سنتها المالية الى توصيات تلزم الحكومة عند بناء موازنة العام المقبل .
لا نتوقع من مجلس نواب متحمس , مناكفة لكننا نأمل أن لا تجنح خطب مناقشة الموازنة الى غير غايته لإثبات إستحقاق ثقة الناخبين, الذين رفعوا التوقعات سلفا , تبعا لظروف المرحلة , واستكمالا لكل المخاضات التي أنجبت المجلس وبالنتيجة فإن الإصلاح المالي يجب أن يدخل الى عمق قوانين الضرائب والتقاعد فهي مفاتيح الإصلاح الإقتصادي الناجع الذي يؤدي الى تعظيم موارد الدولة وتحقيق العدالة وهو ما ينبغي من السادة النواب منحه كل الاهتمام .
عصام قضماني