إصلاح النظام الضريبي في الأردن يوفر روافد إضافية للخزينة

اخبار البلد

وضع المجلس الاقتصادي الاجتماعي في تقريره السنوي للعام 2012 بعض محددات إصلاح النظام المالي في الاردن، بوصفها قضية هيكلية بالدرجة الأولى.

ودعا المجلس من خلال تقريره السنوي الى إصلاح الهيكل الضريبي في المملكة، وإيجاد روافد مالية إضافية للدولة، ورفع كفاءة الجهاز المالي والإداري خاصة في مجال تحصيل الإيرادات وتوسيع القاعدة، ورفع مستوى الكفاءة الكلية للعمل.

وفي جانب النفقات، بين التقرير أن على الحكومة أن تجد آليات مناسبة تضع هيكلا لتحديد الأولويات في الإنفاق، إضافة إلى الحاجة الدائمة إلى وضع سبل واضحة لترشيد النفقات، وأن لا يقوم على مبدأ تخفيض النفقات بصورة أساسية، بل في حسن توظيفها واستخدامها، وضبط آليات الرقابة عليها، وتنظيمها وفق سبل الحاكمية الرشيدة والشفافية والنزاهة.

واشار التقرير الى أن إصلاح النظام المالي يتطلب بالضرورة العمل على تعديل القوانين الناظمة لتحصيل الإيرادات وفرضها، وتلك المتعلقة بضبط وصرف النفقة والرقابة عليها.

وأضاف التقرير أن الاصلاح المالي في الاردن يتطلب إعادة هيكلة الجهاز الحكومي، وخاصة في مجال دمج بعض المؤسسات العامة أو إلغائها، أو تغيير في قواعد حساب الأجور التقاعدية لبعض الطبقات، وذلك كله لن تحدده الحاجة إلى دراسة متكاملة تضع خريطة طريق واضحة لعملية الهيكلة المطلوبة.

وطالب المجلس خلال تقريره السنوي بتعديل القوانين المالية والإدارية المطلوبة، التي تؤدي في النهاية إلى التحول نحو فرض الضرائب التصاعدية، تماشياً مع المادة 111 من الدستور الأردني، وإلغاء أو دمج بعض الوزارات والوحدات الحكومية، التي تثبت الحاجة إلى هيكلتها.

وحث التقرير على الرقابة النوعية على آليات الصرف وسبله وجهاته ضمن منظومة إدارة مخاطر واضحة، أما المسار الآخر فهو إجراءات إصلاح استراتيجية تتطلب خطة عمل واضحة، ضمن أهداف ورؤى مستقبلية.

وبين التقرير أن أجندة إصلاح النظام المالي تتطلب آلية عملية مثالية للرقابة على كافة الجهات المستفيدة من المال العام، مهما كان مجال عملها، مع الحفاظ على السرية الوطنية لوظائف ومعطيات عمل تلك الجهات، ويشمل ذلك بالضرورة نفقات الجهاز العسكري، بما يكفل الرقابة على نفقاته وفق التطبيقات الدولية المعروفة، التي تسمح بالرقابة على أكبر الأجهزة العسكرية في العالم، دون الإخلال بالسرية المطلوبة لعمله.

ووضع المجلس الاقتصادي الاجتماعي مقترحات سياسية لعملية إصلاح النظام المالي في الأردن، ابرزها أن عملية إصلاح النظام المالي هي عملية هيكلية بطبعها وتتطلب وقتاً كافياً لإجراء تعديلات على الكثير من القوانين، بما فيها قوانين الضرائب، بغية التحول نحو الضريبة التصاعدية على الدخل والمبيعات. وكذلك الحال بالنسبة لإعادة هيكلة الكثير من الوزارات والمؤسسات المستقلة، ما يستدعي إجراء تعديلات قانونية تتطلب المرور بالقنوات الدستورية المختلفة.

بيد أن ذلك يجب أن لا يثني الحكومة عن البدء ببعض الإصلاحات الآنية، التي تنطلق من ضبط الإنفاق العام، وترشيده، ووضع ضوابط رقابية شفافة على إنفاق المال العام. والأهم أيضاً رفع كفاءة التحصيل الضريبي، وتحسين سبل مكافحة التهرب الضريبي، بما يساعد على تحسين مستوى الإيرادات العامة، ويخفف من الإسراف في الإنفاق العام للدولة.

ودعا المجلس الى إعداد الموازنات المالية للدولة، إعادة تصنيف الإيرادات والنفقات، بغية فصل ما يمكن تحققه منها مما هو مرتبط بعناصر خارجية، على أن يتم ربط الإنفاق أيضاً بمستوى تحقق الإيرادات. ذلك أن إقرار النفقة بات يعطي حقاً مكتسباً لطالبها من مؤسسات الدولة المختلفة في الصرف. وعليه؛ فلا بد من ربط بعض أوجه النفقة بتحقق الإيراد المقابل له، وعدم الصرف على أي من تلك البنود دون تحقق إيراداتها، ووفق نسبة تحقق الإيرادات. ولا بد من ربط عملية صرف النفقات من وزارة المالية بتوفر المخصصات لدى الموازنة، والتدقيق دوماً بعدم السماح بصرف أي نفقة دون مراجعة مخصصاتها لدى دائرة الموازنة العامة للدولة. ولا بد من تفعيل دور رقابة الموازنة العامة على نفقات المؤسسات المستقلة، على أن لا يقتصر ذلك على بند النفقات، بل في التأكد من توريد أي إيرادات تتحصل عليها تلك الوحدات وغيرها من مؤسسات الدولة إلى خزينة الدولة أولا بأول، تفعيلا لنص المادة 115 من الدستور.

وطالب المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالعمل على فرض الضرائب التصاعدية على المبيعات سواء بسواء مع ضريبة الدخل. ولا بد من دراسة الأثر نحو تطبيق بعض الضرائب النوعية على سلع وخدمات الرفاهية، والسلع والخدمات المؤثرة في البيئة، وبنسب تفاوتية، تتواءم وطبيعة المرونة السعرية لتلك المواد والخدمات، وبما يحقق حصيلة ضريبية أفضل للنظام المالي للدولة.

وفي ظل الفاتورة التصاعدية للتقاعد المدني والعسكري، فقد بات من المهم دراسة إطالة فترة التقاعد وربطه بشرائح عمرية، بحسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي دعا ايضا الى ان لا تقل تلك الشرائح عن 60 عاماً، إلا في المهن الخطرة التي يتم تحديدها وفقاً للتطبيقات العالمية المعروفة.

وبالرغم من أن ذلك سيحد في الأجل القصير من قدرة الدولة على توليد الوظائف، إلا أنه يخفف من عبء فاتورة الأجور والتعويضات، التي باتت تتزايد على نحو رئيس كنسبة من إجمالي النفقات العامة للبلاد، مع ضرورة الإشارة إلى إيجاد نظام حوافز مالي وإداري يسمح بتوسع دور القطاع الخاص في توليد الوظائف في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى وضع خطط عملية لتوفير فرص العمل في الدول المجاورة، وفق اتفاقيات ورعاية خاصة من الحكومة الأردنية، وتعاون مع الحكومات المعنية في الدول المجاورة.

بالرغم من الجهد الوطني المقدر للجهاز العسكري بفروعه كافة، إلا أن التطبيقات العالمية تشير إلى إمكانية ضبط نفقاته ومراقبتها، بما يساعد على ضبط النظام المالي للبلاد وإصلاحه. ويأتي ذلك في ظل التوسع الكبير في نفقات هذا الجهاز، التي شكلت أكبر نسبة نمو في النفقات على الإطلاق خلال السنوات الست الماضية، مع عدم التنازل عن أهمية جاهزية واستعدادات ذلك الجهاز للقيام بمهامه الوطنية المساندة للاستقرار والأمن الاقتصادي للبلاد.

ويدعو التقرير الصادر عن المجلس الى إيجاد موارد لإيرادات محلية بديلة للضرائب النمطية المعروفة، ويأتي في مقدمة ذلك رسوم التعدين، التي باتت الحاجة ملحة لإعادة النظر فيها وتحصيلها وفق معادلة تكفل مساهمة حقيقية للشركات المستفيدة من موارد الأرض الأردنية في التنمية المستدامة للبلاد، وفي عدالة توزيع الدخل، والعدالة الاجتماعية.

كما طالب بإعادة النظر في بعض الرسوم السيادية في مجال السفر وترخيص المركبات وتراخيص البناء والمهن، والكثير من الرسوم، وخاصة تلك المتعلقة بحاجات ترفيهية غير أساسية.

وبحسب التقرير، فإن الحاجة تستدعي اليوم التعامل مع المالية العامة للدولة كوحدة واحدة، بغض النظر عن الجهة المستفيدة منها أو القائمة عليها وعليه، وإن ضبط أداء الوحدات المستقلة ومتابعتها يستدعي عودة الرقابة على إيراداتها ونفقاتها إلى دائرة الموازنة العامة، أو للجهات المعنية في وزارة المالية والجهات الرقابية الأخرى، بما يكفل ضبط نفقاتها وتوريد إيراداتها باستمرار، وتحولها مستقبلا نحو مؤسسات مستقلة حقيقية، تحقق فائضاً للخزينة العامة، بدلا من تحول معظمها إلى عبء دائم على تلك الخزينة