ثروات الطفيلة بلا مدينة صناعية!
الطفيلة يمكن أن يطلق عليها تعبير "الأقل حظا" من بين محافظات الجنوب اجمالا عدا العقبة، رغم أنها تشترك جميعا في هموم تكاد تكون واحدة فيما يتعلق بندرة المشاريع التنموية وانتشار جيوب الفقر وتدني مستوى الخدمات العامة، وغير ذلك من مشكلات أخرى في مقدمتها ارتفاع نسبة البطالة بين القوى القادرة على العمل، ولم تفلح الجهود التي تم بذلها حتى الآن في تحسين الأحوال إلى ما هو أفضل!
محافظة الطفيلة تعوم على ثروة معدنية وطبيعية هائلة في انتظار أن يتم استغلال ولو نسبة بسيطة منها منذ عقود من الزمن، لكن يبدو أن سوء الحظ يلاحقها لتبقى كما هي عليه مدفونة في باطن الأرض على أمل أن يتم استخراجها يوما ما لا تلوح في الأفق أية بوادر له، ما دام مشروع المدينة الصناعية لم يتحقق مع أنه يفترض أن يستقطب الاستثمار للصناعات التعدينية الملائمة لمثل هذه الكنوز الوطنية!
أبناء محافظة الطفيلة كانوا قد استبشروا خيرا قبل أكثر من عشرين عاما في أن تتحول منطقتهم الى جاذبة لأكثر من خمسين مشروعا صناعيا، عندما قرر مجلس الوزراء انشاء أول مدينة صناعية فيها عام 1991م بعد أن استملك لهذه الغاية حوالي ألف ومئتي دونم، في حين بقي كل شيء على حاله دون تحريك أي حجر أو حفنة تراب منذ ذلك الحين وحتى عام 2005م الذي شهد وضع حجر أساس لم تتبعه أية خطوة اخرى سوى بناء جزء صغير يتيم من السور الذي يفترض أن يحيط بها من جميع جوانبها، ما أدى إلى أن يتواجد فيها مجرد بيت شعر لأحد مربي الماشية!
الحديث لا ينقطع عن أهمية الثروات الهائلة في الطفيلة دون تحريك أي ساكن تجاه استغلال ولو جزء يسير منها، ولا بأس من إعادة التذكير بها لعلها تجد اهتماما ولو متأخرا، فهي تحتوي كما تؤكد الدراسات التعدينية على الفوسفات غير المستغل بالكامل ويقدر الاحتياطي من النحاس في وادي فينان بمنطقة ضانا بنحو خمسة وأربعين مليون طن، أما الصخر الزيتي الذائع الصيت بلا نتائج لغاية الآن فيتواجد فيها بما يعادل ثمانية مليارات من الأطنان، هذا غير الحجر الجيري النقي وخام الجبس والأحجار شبه الكريمة والمنغنيز والمياه المعدنية بالاضافة الى الكثير مما لم يتم اكتشافه بعد!
مدينة الطفيلة الصناعية فيما لو تم انشاؤها على أرض الواقع، ربما كانت ستشكل نقطة تحول مهمة لمحافظة الطفيلة وأهلها الصابرين منذ ذلك الحين، وقد يكون لها دورها في تنمية المنطقة عموما واستقطاب الاستثمارات اليها، وكل ذلك تبخر لأنه يحتاج إلى انشاء بنية تحتية متكاملة من الطرق وشبكات الكهرباء وتصريف وتنقية المياه وتسوية الموقع العام وإقامة المباني الإدارية والخدمية، وكلها لا يزال أوانها في علم الغيب بعد أكثر من عقدين على استملاك أراضيها!
هاشم خريسات