المرأة إنسان وليست قطعة لحم
في بريطانيا اليوم الحدث الأكبر والأهم هو اكتشاف حالات تحرش لفنان بريطاني شهير هو ويليام روش، قام بها في الستينيات. وقد سبقت هذا الحادث فضيحة مذيع الـ بي بي سي جيمي سافيل الذي توفي عن 74 سنة وعُرف أن عدد الانتهاكات الجنسية المحتمل ارتكاب المذيع الراحل لها قد وصل إلى 300 ضحية بين فتيان وفتيات.. بعد قراءتي الخبر شعرت بمرارة شديدة، فوفقاً لدراسة أعدها المركز المصري لحقوق المرأة فإن 80 في المئة من النساء المصريات قد تعرضن للتحرش، وهي ظاهرة تتركز على الأخص في المدن. وقد انتشرت حالات التحرش أثناء التظاهرات التى أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك في 2011، حيث شملت صحافيات أجنبيات، وجرى نقاش غاضب حول الموضوع، وحاول كثيرون إنكار ما حدث بعد ظهور مقاطع الفيديو على الإنترنت، غير أن الظاهرة لم تتوقف، بل زادت ويستخدمها البعض لقهر النساء ومنعهن من النزول للشارع أو ممارسة العمل السياسي. لم أنجح يوماً في فهم شخصية المتحرش الذي يصنفه علماء النفس على أنه شخصية غير سوية، وإن كان هكذا فأكثر من ستين بالمائة من الشعب للأسف مرضى نفسيون. المشكلة أننا في مجتمع يعتبر فيه الرجل أن من حقه أن ينظر إلى المرأة ويتفحصّها، رغم أننا دولة ذات أغلبية إسلامية، وكم اشتكت لي زميلات من نظرات مهينة.. والبعض الآخر يعتبر أن من حقه أن يقول للمرأة ما شاء وأنها سوف تفرح وتأخذه من منطلق الإطراء، ويستخدم المديرون في العمل سلطتهم في قهر الموظفات، مستظرفين غير موقنين -أو موقنين- أنهم يسيئون استخدام سلطتهم، ويستغل الرجال خوف النساء من الفضيحة في الشوارع ووسائل النقل العام للتحرش بهن. والكارثة في الثقافة وفي تدنى الأخلاق.. والبعض يعتبر التحرش لا يكون إلا باللمس بينما تعريفه هو: أي نوع من الكلمات غير المرحب بها أو الأفعال ذات الطبيعة الجنسية والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص وتجعله يشعر بعدم الارتياح، التهديد، عدم الأمان، الخوف، عدم الاحترام، الترويع، الإساءة، الإهانة، الانتهاك أو أنه مجرد جسد.. والكارثة الكبرى أنه دوما تُخلق الأعذار للمتحرش!
وبعد، لو التحرّش سببه لبس المرأة، بيتحرّشوا بالمنتقبة ليه؟ لو التحرّش سببه تأخر سن الجواز، أبوالعيال بيتحرّش ليه؟ لو التحرّش سببه الفقر، مدير الشركة بيتحرّش ليه؟
التحرش الجنسي جريمة ومن يرتكبها مريض، ومن يبررها هو شخص مجرم.. إن ارتضيت التحرش فارتضه لأمك وأختك وزوجتك.
المرأة ليست قطعة من اللحم.. المرأة إنسان.