فاقد الدهشة حزين ويتشظى

- أنا الفقير إلى الله ، ، لم يعُد بمقدوري إستيعاب تهويمات صديقي اللدود فاقد الدهشة ، ولا يُمكني تحديد سبب أو ربما أسباب أطنان الحزن التي تُثقل كاهل صديقي اللدود ، إذ لم أره على هذا النحو من التشظي ، الذي يتزامن مع جملة إحداثيات مُرعبة ، تطال الأردن ، فلسطين ، الإقليم ، العرب عامة ، مسيحيين ومسلمين في وقت واحد...!
-لقد جاءَني بعد صلاة الفجر مكدودا ، منهكا وعيناه مليئة بالدموع ، مهلهل الثياب ، كاسف الوجه يدور حول نفسه ، يختزل طقوسه بمضاعفة التدخين ، وقد فقد شهيته وعشقه للقهوة التي بردت ، وبالكاد يتذكرها برشفة تخلو من اللذة والمتعة ، لم يسأل عن الشاي ، ولم يأت على ذكر معاناته من غدر الزمان ، الذي كبله بضائقة مالية يصعب وصفها ، وعلى غير عادة يلوذ بالصمت حائرا ، عاجزا عن لملمة ما تبقى لديه من جَهد ، يستعين به ليُعبِّر عن ما يقض مضاجعه.
- الحق أنها حالة إستثنائية وغير مسبوقة ، يعيشها الأردنيون ، الفلسطينون ، العرب مسيحيون ومسلمون بكليتهم ، بأطيافهم السياسية ، الأمنية ، الإجتماعية والإقتصادية على حد سواء ، إذ يقول فاقد الدهشة في هذا الصدد ، أتحدى أن يؤشر لي أحد من عباقرة هذا الزمن المجهول...!!! على الحقيقة ، أو يدُلني على طريق الصواب ، تجاه ما يجري في الأردن ، فلسطين وفي المحيط الجيوسياسي ، العسكري والأمني تحديدا ، ويردف اللعين قائلا ، إن إقليم الشرق الأوسط ، بات يسبح في عتمة إنعدام الوزن وفقدان الجاذبية ،وليس غريبا أن تمتد لعنة الشرق الأوسط هذه ، لتطال المجتمع الدولي برمته ، فقد أصبح الجميع تائها ، ولا أحد ، جهة ، دولة أو حتى مجلس الأمن ، وما يُسمى المجتمع الدولي، يستطيع محاصرة النيران المُشتعلة ، ولا أقول إطفاءَها ، لأن إطفاءَها يحتاج أولا إلى تحديد عوامل إشتعالها ، الذي إختلط حابله بنابله ، إن فيما يتعلق بما يجري في فلسطين ، سورية ، العراق ، مصر ، لبنان ، اليمن ، مصر ، إيران ، تركيا ، الكورد ، السُنة ، الشيعة ، العلويين ، المسلمين والمسيحيين ، فالكل مُشتبك مع الكل ، والصهيوأمريكي يسرح ويمرح ، وروسيا تعبث ، وعلى رأي المقولة الشوارعية ""كلو على كلو"" ...!!!
- تساقطت الدموع من عيني فاقد الدهشة ، وإلتفت إلي بإنكسار ، تم سأل : أين أنا ، مع مَنْ ، ضد مَن...؟؟؟ ، مع أي دمشق ، مع أي فلسطين ، بُغداد ، لا بل مع أية عاصمة عربية أو شرق أوسطية ، ومن الذي أوصلني إلى هذه الحالة ، أن أشهد فيما تبقى من العُمر من يشمتون بدمشق ، وقد قصفها اليهود ، وهو ما لايحتمله العقل...!!!، وفي ذات الوقت كيف للعقل ، الوجدان والإنسانية ، أن أُ رى من يدافع عن دمشق ، دون أن يلتفت إلى مذابح بانياس ، البيضا ، درعا ، حمص ، باب عمرو وكل سورية وما حاق بها من دمار ، تشريد شعبها ، إغتصاب حرائرها ، ذبح أطفالها بيد طاغية ، ما يزال منذ سنوات ينتظر الزمان والمكان المناسبين ، للرد على يهود وإهاناتهم المتواصلة ، لعاصمة معاوية بن أبي سفيان ، ومساجد سورية الأموية وما أكثرها ، وقد دُمرت بأيدي النُصيريين لأجدني وكل الناس ، لم يعُد لديهم إمكانية التفريق بين ما يفعله طاغية دمشق ، وما يفعله يهود بالقدس ودمشق ، ما دامت النتيجة واحدة ، دمار في دمار ، هوان في هوان وذل لأمة الشتات العربي ، ما بعده ذُل...!!!
- بشعور السذاجة ، سألت اللدود ، وماذا بعد...؟؟؟ ، ومهما يكن طغيان وسفالة بشار الأسد ، وحقارة الموقف الإيراني ، وقذارة الموقف الروسي ، فهل يُعقل أن نسمع أو نُقرُّ تساوقا بين ما يفعله الطاغية بشعبه ، وبين الهجوم اليهودي على دمشق...؟ ، وهل تجوز المقارنة بين الطرفين...؟؟؟.
- إذ يبدو أن فاقد الدهشة ، بدأ يستعيد بعضا من قواه ، وهو ما أوهن ميزانيتي بدلة قهوة وعلبة سجائر وينستون أحمر ، ومن ثم عاد اللعين لممارسة طقوسه ، يرتشف القهوة ، ينفث دخان السيجارة في وجهي متعمدا إغاظتي ، ومن ثم إعتدل في جلسته على الأريكة وتدثر بالوقار ، وقال: بالطبع هناك مقاربة لا يُمكن إنكارها عند نتائج ما تُعانيه سورية الأرض ، الشعب ، التاريخ والحضارة ، فالدم هو الدم ، الموت هو الموت ، الذل هو الذل والدمار هو الدمار ، ولا يجوز تغييب مقولة ""من لم يمت بالسيف مات بغيره ، تعددت الأسباب والموت واحد"" ، فما الفرق أن يموت صبي سوري ، أو تُدمر منشأة ، مسجدا ، قلعة أو مزرعة سورية على يد نُصيري أو يهودي...؟ ، لكني ياغبي لم ولن أُغفل أنه يُمكن لبشار الأسد أن يغتسل في المطهر الفلسطيني ، إن كان يمتلك قراره ، وإن لم يكن أسيرا لنُصيريته ، إيرانيته ، تشيُعه وغير مغلوب على أمره من الدب الروسي ، الذي يبتز سورية عبر نفخ رأس الأسد ، ليس من أجل عيون سورية والسوريين بمن فيهم هذا البشار ، إنما كي لا تفقد روسيا وجودها السياسي والإقتصادي في الشرق الأوسط والعالم ، وما تزال إخفاقاتها في إختراق الهيمنة الأمريكية على العالم ماثلة أمام أعينها.
- فيما هممت أن أُدلي برأي ، أو تساؤل ، وكعادته يتلذذ فاقد الدهشة بإحباطي ، فسارع إلى القول ، أما كيف يتطهر بشار في المطهر الفلسطيني...؟ ، وهو أمر مشكوك فيه...! ، فإن العمل يبدأ بإثبات رجولته وأنه أسد حقيقي وليس جحش رجادة ، ومن ثم يؤكد سيطرته على الدولة السورية ويتحكم بقراره ، وأن يؤمن بأن العيش على الأرض هي لمرة واحدة لا تتكرر ، فإما يعيشها المرء عزيزا كريما ، أو ذليلا مهانا ، والسؤال أي من الرجلين بشار الأسد...؟؟؟
-يقول فاقد الدهشة ، لا أدري...! ويصعب علي الرهان على رجولة بشار ، وهو ما يجعلني منقسما على ذاتي ، تجاه ما ستؤول إليه الأمور في سورية ، وقد باتت العنوان والمصير لفلسطين وإقليم الشرق الأوسط وربما العالم بأسره...!!!.
- مرة أخرى باغتني اللعين قائلا ، أدري أنك ستسألني ماذا سأفعل لو كنت مكان بشار ، وهو ما يدفعني لترديد مقولة عنترة بن شداد العبسي ، ، وضربة لا تتوقف عند حد لإسرائيل ، وتستمر حتى تحرير فلسطين ، من البحر إلى النهر ، تستحق الشهادة بدلا من المرة بليار مرة ، وسيُخلد التاريخ عندئذ إسم بشار إن فعلها ، خاصة وأن الجو العام ، في أوساط الشعوب العربية بات مشحونا بقوة ، ضد الصهيوأمريكي وأردافه من العرب العاربة والمستعربة ، الذين يتآمرون على فلسطين الأرض ، الشعب ، حق العودة والمقدسات المسيحية والإسلامية ، فإن فعلها بشار ، فسيكون فعلا حامي حمى القومية العربية ، وأن سورية قلعة الصمود ، الممانعة والمقاومة بجدارة ، فعلا وليس قولا، ولعله الآن الآن وليس غدا يفعلها ، واليكن بعد ذلك الطوفان، ولا شيئ على الله بعيد. وغادرني اللدود ، وأنا أنتظر هذه النبوءة ، التي ستعيد الحياة لأمة العرب . وبغير هذا لا أستطيع أن ألوم الشامتين بمذلة بشار وداعميه من قبل اليهود