تطبيع..تطويع..تتبيع


ما دمت قد اخترت عنواناً واضحاً ذا دلالة لا تحتاج إلى التأويل ، فأنا لست بحاجة إلى زخرفة الكلام وتزيينه ، ولا إلى الجمل ذات العلاقات البلاغية من تورية وتضمين واقتباس واستعارة ، وأنا أصلاً لست شاعرا ينتقي كلماته كما يحب أن تصل إلى من يهوى ، لكنني مواطن مجروح ، و لست مهزوماً ، وليس عندي حيلة غير صوتي وحرفي .
إسرائيل منذ ولادة كيانها تريد كل شيء ، الأرض والإنسان معاً ،وقد أعلنت ذلك في بروتوكولاتها المنشورة،- وقد تُرجمت لعدة لُغات منها العربية ، هذه البروتوكولات تنافسنا على قراءتها ، فقط من أجل القراءة والإطلاع - ، وأعلنت ذلك في خرائطها الجغرافيا التي تقول إن دولتهم من الفرات إلى النيل ، وهي عاقلة في هذا الذي تريده ، فهي لا تريد الكل دفعة واحدة ، فهذا ضرب من الجنون ،خاصة و إنها وجدت مزرعة بثيرانها الملونة فاحتالت على الثور الأبيض بمساعدة بقية الثيران التي تفاخر بكثرة ألوانها، وبعدها باتت كل الثيران بيدها ، إنها الآن تستميل الأصفر والأخضر والبني والرمادي تحت شعار التطبيع ، ولا ترى هذه الثيران حرجاً في التطبيع ما دام العلف متوفر وهذا التطبيع الذي سوف يتبعه تطويع لإرادة إسرائيل ، وبالتالي يصل الأمر إلى التتبيع ، أي أن تصبح هذه الثيران تابعة لأوامر المالك الجديد ، الذي روّعها وطبّعها وطوّعها ، والآن هي تتبعه.
إسرائيل تطلب ما تريد بالنقطة والتنقيط ، فقد أوجدت ثقباً في خاصرة الوطن العربي ، ولا ضير عندها إذا اتسعت الفتحة وأصبحت النقط أكبر حجماً في مرحلة من مراحل الانكسار العربي ، ولو أعدنا قراءة ما حصل معنا منذ عام 1945 م حتى اليوم سنجد أنفسنا رعاة هذا التنقيط كلنا أو بعضنا، وحُماة هذا التنقيط ، والمصفقين والمهللين لكل نزف يخرج من الثقب ، وكأننا في تنافس لخدمة هذا الثقب الذي ننزف منه أوطاننا ، وشعوبنا ، ولمن يحب أن يغضب فإننا أيضاً ننزف ديننا ، فأي أمة هذه التي تشارك بكل هذا النزف ؟ هل الأوطان والشعوب والدين أصبحت مواد سائلة تأخذ شكل الإناء الذي هي فيه ؟ فإذا كنا مع أمريكا فنحن أمريكيون أكثر منهم ، وإذا كنا مع السنيين فنحن شيعة ، ومع الشيعة فنحن سنيون ، ومع اليهود فنحن.......
إننا أصبحنا أمة ممكن أن تكون مع الجميع دون استثناء إلاّ مع نفسها ، إننا أمة رفعت شعاراً واحداً وهو " نُضحي بالوطن والشعب من أجل أن يبقى الحاكم " ، ويحضرني في هذا المقام بيت من الشعر يصف حالنا بعد اكتمال النزف
وديارٌ كانت قديــماً ديــــارا سترانا .. كما نــراها .. قِـفـــارا