حكومة زرع ألغام..!!


رئيس حكومة إسرائيل يواصل تصعيد حملته المسعورة ضد "فلسطين" وشعبها الأعزل في إطار محاولته فرض مقولاته ووعوده بفرض الأمن بالقوة، وباستمرار احتلاله وعدوانه الغاشم، وبتجنب الحلول النهائية تحت مسمع ومرأى من العالم، وهو ما يعني تجنب استحقاقات الحد الأدنى لشعب فلسطين والمتمثلة بهدف إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحق عودة لاجئيه وإطلاق سراح معتقليه. 

ومن هنا فليس أمام "نتنياهو وحكومه الحرب والعدوان " سوى التخبط وزرع المزيد من الكراهية وتعقيد المستقبل ليس علينا ولا على أجيالنا فحسب، وإنما على أجيالهم هم وعلى أطفالهم الذين لم يولدوا بعد، فلا يملكان طريقا آخر سوى التصعيد والعنف واستمرار التشبث بعقلية الاحتلال وروح الاحتلال ووصول المنطقة بأجمعها إلى مفترق ومنعطف خطير، وهم بالتالي يزرعون العقبات والألغام أمام عملية السلام المتوقفة أصلاً، وهو الأمر الذي سيوقعهم في التخبط وعدم القدرة على اتخاذ طريق آخر، لأن آفاق الحل مغلقة بحكم سياستهم وتكوينهم العدواني، ولأن آفاق فرض الأمن بالقوة وباستمرار الاحتلال مستحيلة، فهم يعرضون على شعب فلسطين خيارا وحيدا إما الركوع وإما الصمود، والشعب الفلسطيني كان دائما أبداً قد اتخذ خيار الصمود والتحدي قبل نتنياهو وبعد نتنياهو، وهو شعب لن يركع ولن تنحني هامته إلا "لله عز وجل". 


الاب الروحي لإسرائيل "الولايات المتحدة" تسعى الآن الى استئناف مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة أصلا والتي تواجه عقبة عدم قبول اسرائيل بتجميد النشاطات الاستيطانية كما تريد القيادة الفلسطينية وفق التزامات خارطة خارطة الطريق، فالأمريكان يعون جيدا ان سياسة الحصار والإغلاق قد قسم الأراضي الفلسطينية الى معازل وكنتونات مفصولة عن بعضها البعض، لزيادة الام ومعاناة شعب فلسطين، وشل تنقله منها واليها، وزادت من حدة البطالة والفقر التي وصلت الى مستويات عالية جدا، لذلك يعتزمون الجمع بين نتنياهو والرئيس محمود عباس على طاولة المفاوضات، والاتفاق على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وحل النزاعات بشأن السيطرة على القدس ومصير اللاجئين الفلسطينيين من الأراضي التي أقيمت عليها اسرائيل عام 1948. 

رئيس الكل الفلسطيني أبو مازن يشترط وقف البناء وتجميد الاستيطان كي يستأنف المفاوضات، بينما يريد نتنياهو الذي يضم ائتلافه الحاكم جناحا قويا مؤيدا للاستيطان استمرار النمو الطبيعي في المستوطنات التي تهدف اسرائيل الى ضمها في أي اتفاق نهائي، لأن نتنياهو وحكومته وبالتواطؤ مع الأمريكان يمارسان وبشكل سافر انتهاكات منظمة تجاه فلسطين وشعبها في أراضيهم التي احتلها كيانهم عنوة تحت تهديد السلاح الصهيوأمريكي، إضافة الى ممارستهم حالات التعذيب الممنهج والاعتقالات العشوائية التي لم تعفي حتى النساء والأطفال وكبار السن من براثنها. وبالرغم من المناشدات الدولية المتعددة تجاه ما تقوم به "اسرائيل وحكامها"، وبالرغم من الدعاوى القضائية المرفوعة على عدد من افراد سلطتها وجيشها الذي لا يراعي ادنى مقررات حقوق الانسان. 

ولا يخفى على أحد أن نتنياهو ووزير دفاعه يعلون يتفقان في وجهات النظر، فهم لا يثقان بالعرب وخصوصا الفلسطينيين ويعتقدان بعدم وجود شريك فلسطيني في الوقت الحاضر، وعلاوة على بجاحتهم وتنكرهم يرفض نتنياهو بشكل دائم الخضوع لقرارات مجلس الأمن الدولي، او الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، بالرغم من مرور ما يوازي العقد على انطلاق عملية السلام برعاية اممية. منظمات دولية اممية ودولية قالت ان السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية تميز بقسوة ضد السكان الفلسطينيين وتحرمهم من الضروريات الاساسية في حين توفر بسخاء وسائل الراحة للمستوطنات اليهودية، وهي تمنع تحقيق التنمية للفلسطينيين في اجزاء من الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية في حين تضخ التمويل للمستوطنات اليهودية. 

إن الرأي العام العالمي والدولي والعربي، بدأ يشخص ويقر أن استمرار إسرائيل في ممارسة العنف والإرهاب في تعاملها مع العرب وبالأخص الفلسطينيين، ومعتمدة على الدعم الأمريكي المنحاز بالكامل لها، سوف يضر بمصالح الأمريكان واليهود الإستراتيجية ويهدد السلام في العالم والمنطقة جمعاء! وعليه كضمان للحفاظ على الاستقرار العالمي، نحن بحاجة الى صيانة هذا الاستقرار من خلال اشعار اسرائيل بان المجتمع الدولي هذه الايام اصبح اكثر استعدادا لسحب اعترافه بحكومة اسرائيل ومطالبتها بكف عدوانها وإرجاع حقوق الشعوب وخاصه حق الشعب الفلسطيني بعودة أراضيه المحتله. 

ولكن اذا فرض على الجانب الفلسطيني العودة الى طاولة المفاوضات النهائية مع الجانب الاسرائيلي فيجب على القيادة الفلسطينية التمسك على اساس، الانسحاب الكامل لإسرائيل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة إلي حدود الرابع من حزيران 67، وإزالة جميع المستوطنات الإسرائيلية التي بنيت بعد الرابع من ذلك التاريخ، وإنهاء الجدار العازل، وان تكون الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على جميع المناطق الفلسطينية المحتلة بعد الرابع من حزيران 1967 الضفة والقدس وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف، وتحرير كافة المعتقلين والأسرى في سجون الاحتلال دون تمييز او استثناء والذين اعتقلوا او اسروا من اجل فلسطين، وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم حسب قرار 194. 

إن فلسطين اليوم تمر بظروف حاسمة ويخيم عليها شبح الانقسام والتقسيم الجغرافي، ولابد من وقفة مسئولة من قبل الكل الفلسطيني، لمنع استفحال ذلك من خلال إنهاء الانقسام وإتمام ملف المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية حسب وثيقة الوفاق الوطني والشخصيات الاعتبارية والمستقلين، حكومة لها برنامجها الوطني، وإعادة بناء وتطوير وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، بحيث يشارك في مؤسساتها من هو خارجها، حتى تكون معبرة حقيقية عن الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها.