عندما تغيب سيادة القانون!


ﻓﻲ ﻛﻞ ھﺬا المشهد اﻟﻤﺘﺪﺣﺮج ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻨﺬ ﻣﻘﺘﻞ أرﺑﻌﺔ أردﻧﯿﯿﻦ داﺧﻞ ﺣﺮم ﺟﺎﻣﻌﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺎن، وﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ
ھﺬا، ﺗﺒﺪو اﻟﺴﻤﺔ اﻷﺑﺮز ھﻲ ﻏﯿﺎب اﻟﻘﺎﻧﻮن وﺳﻠﻄﺘﻪ، واﻻﺳﺘﻌﺎﺿﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻔﺦ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﯿﺒﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻣﺴﻜﻮﻧﺔ
ﺑﺎﻷﻧﺎ، وﺗﺴﺘﻤﺪ قوتها ﻣﻦ ﻋﺼﺒﯿﺔ اﻟﺪم ﻓﻲ ﺗﻌﺒﯿﺮھﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺠﻤﻮع ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺪاﺋﻲ. وھﻲ ﺑﻌﯿﺪة ﻛﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ
اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻟﮫﯿﺒﺔ اﻟﺪوﻟﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﯿﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن، أي دور ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺠﺮي ﺣﻮﻟﮫﺎ، وﻟﺘﺬھﺐ
اﻟﺪوﻟﺔ واﺳﺘﻘﺮارھﺎ واﻗﺘﺼﺎدھﺎ إﻟﻰ اﻟﺠﺤﯿﻢ! ﻓﻜﻞ ھﺬا ﻟﯿﺲ مهما، ﺑﻞ المهم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ لها ھﻮ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺣﻤﻰ
اﻟﻘﺒﯿﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2013.
أدوات اﻟﻘﺘﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺿﺮة داﺧﻞ اﻟﺤﺮم اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ. ﻓﻠﻜﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻗﺒﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﺧﯿﻤﺔ ﺑﻘﺼﺪ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺘﺄﺳﯿﺲ
اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﻋﺸﺎﺋﺮﻳﺔ، ﻻ أﻛﺎدﻳﻤﯿﺔ أو ﻋﻠﻤﯿﺔ، وﻓﻲ ھﺬا ﻏﯿﺎب ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن. ﻟﻜﻦ اﻟﻐﯿﺎب اﻷﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة ﻛﺎن
ﺑﺎﻟﺴﻤﺎح أو اﻟﺘﺴﺎھﻞ ﻓﻲ إدﺧﺎل اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻨﺎرﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ، واستخدامها ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﻜﺎرﺛﻲ اﻟﺬي ﺣﺪث.
وﺑﻌﺪ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﻜﺎرﺛﺔ، ﺛﻤﺔ ﻗﻮى ﻗﺒﻠﯿﺔ ﺗﺘﻄﺎﺣﻦ وﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﻟّﻲ ذراع اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺪوﻟﺔ، ﻋﺒﺮ تهديداتها وإﻏﻼﻗﺎت
ﻟﻄﺮق دوﻟﯿﺔ، وﺗﻔﺘﯿﺶ ﻟﻠﻤﺪﻧﯿﯿﻦ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺴﯿﺎح! ﻓﺄي ﻋﺒﺚ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ؟! ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ
اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻻﻗﺘﺼﺎد. ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﺮاوي، ﺗﻢ اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺳﯿﺎﺣﯿﺔ ﻣﺘﺠﮫﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﺒﺔ، وﻗﻄﻊ
اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺪوﻟﻲ ﻗﺎﺋﻢ ﻣﻨﺬ أﻳﺎم، وﺗﺤﺖ ﻋﯿﻦ اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﺴﺎﻣﻌﮫﺎ. وﻻ أﻋﻠﻢ ﺑﻤﺎذا ﺳﻨﻔﺴﺮ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺣﺎدﺛﺔ ﺗﻔﺘﯿﺶ
اﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ ﻋﻠﻰ طﺮﻳﻖ دوﻟﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺤﺘﺠﯿﻦ وﻣﻠﺜﻤﯿﻦ ﻣﺴﻠﺤﯿﻦ؟ وھﻞ ﺛﻤﺔ ﻧﺬر ﺧﺮاب ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي
واﺳﺘﻘﺮارﻧﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ؟ ﻓﻤﻦ ﻳﺴﻤﻊ بهذه اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻓﻘﻂ، ﺳﯿﺬھﺐ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﯿﻞ إﻟﻰ أن اﻟﺪوﻟﺔ ﻏﺎﺋﺒﺔ، واﻟﻘﺎﻧﻮن
ﻣﺤﯿﺪ، ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﺮﻛﯿﺒﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ؛ وأن اﻟﺴﯿﺎﺣﺔ ﻣﺨﺎطﺮة ﻓﻲ ظﻞ اﻧﻌﺪام اﻷﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻗﺎت.
اﻟﻤﺆذي ﻓﻌﻼً أن اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻳﺘﻮاطﺆون ﻹداﻣﺔ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻜﺐ. ﻓﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﺎﺟﺰة، واﻷﻣﻦ ﻳﺘﻔﺮج، واﻹﻋﻼم
ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﻗﻄﻊ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺪوﻟﻲ ﺑﺤﺮوف ﺑﺎردة، وﻛﺄن اﻷﻣﺮ ﻧﺰھﺔ ﻓﻲ وادي رم، وھﻲ ذاﺗﮫﺎ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﯿﻢ
اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻻ ﺗﻘﻌﺪھﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﻤﺴﯿﺮة ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻢ ﻳﺠﺮح ﻓﯿﮫﺎ أﺣﺪ. ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﻤﻘﺎﻻت اﻹداﻧﺔ ﻏﺎﺋﺒﺔ
أو ﺷﺤﯿﺤﺔ ﺣﯿﺎل اﻻﻧﺘﮫﺎﻛﺎت اﻟﻘﺒﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮي ﺣﺎﻟﯿﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب، وﻻ ﻧﺨﺐ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إداﻧﺔ اﻟﻤﺸﮫﺪ
اﻟﺒﺸﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ وﺗﻐﯿﯿﺮه، ﻋﺒﺮ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺳﯿﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن؛ ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ، ﺛﻤﺔ إﺷﺎدة ﺑﺠﺎھﺎت ﻗﺒﻠﯿﺔ احسبها
ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮار ﻏﯿﺎب اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ، واﻹﺳﺎءة ﻟﺼﻮرﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ واﻟﺨﺎرج.
ﻻ ﻳﺘﺸﺪﻗﻦ أﺣﺪ ﺑﻌﺪ اﻵن ﺑﺎﻟﻤﻼذات اﻵﻣﻨﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ؛ ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺄﻣﯿﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺳﯿﺎﺣﯿﺔ
ﻣﺤﻄﺘﮫﺎ اﻷﺧﯿﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ، ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﯿﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﮫﺎ ﻟﺘﺤﺪد ﺣﺠﻢ ﺳﻠﻄﺘﮫﺎ وھﺎﻣﺶ اﻟﻤﻨﺎورة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﺎ ﻓﻲ
مواجهة ﺳﻠﻄﺎت أﺧﺮى ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﯿﺔ، وﺗﻘﺮر ﻣﺎ ﺳﺘﻔﻌﻞ؛ ﻓﺘﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮق وتغلقها، وﺗﻘﻮم
ﺑﺤﺮق ﻣﺎ ﺗﺸﺎء، ﻓﯿﻤﺎ اﻟﻤﻠﺜﻤﻮن ﻣﺴﻠﺤﻮن وﻳﺘﺠﻮﻟﻮن ﺗﺤﺖ ﻋﯿﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ. ﻳﻘﻮل اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻮﻧﺘﺴﻜﯿﻮ:
"اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺜﻞ اﻟﻤﻮت، ﻻ ﻳﺴﺘﺜﻨﻲ أﺣﺪا". واﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ أن ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﻔﮫﻢ ﻏﺎﺋﺐ ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ.
ﻓﺎﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬي ﻳﻄﺒﻖ ﻓﻲ اﻟﺼﻮﻳﻔﯿﺔ، ﻻ ﻳﺼﻠﺢ أن ﻳﻄﺒﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﯿﻨﯿﺔ أو ﻣﻌﺎن؛ واﻷﻓﺮاد ﻟﯿﺴﻮا ﺳﻮاء أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧﻮن،
ﻓﺜﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﺤﻖ ﻟﻪ ﻗﻄﻊ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺗﺤﺖ ذرﻳﻌﺔ ﻏﻀﺐ اﻟﻘﺒﯿﻠﺔ، وھﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺤﻖ ﻟﻪ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻼح داﺧﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت!
واﻟﻜﻞ ﻳﺪﻣﺮ ﺑﺠﺮاﺋﻤﻪ وﺗﻮاطﺌﻪ وﻋﺒﺜﻪ ﻣﺸﮫﺪ اﻟﺪوﻟﺔ واﻗﺘﺼﺎدھﺎ.
ﻣﺨﻄﺊ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﺮاﻗﺒﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎت دوﻟﯿﺔ وﺟﮫﺎت ﻣﺎﻟﯿﺔ ﻣﺆﺛﺮة، وﻣﺮاﻛﺰ
ﺗﻘﯿﯿﻢ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺳﯿﺎﺣﯿﺔ. وﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﺠﺮاﺋﻢ ﻻ ﺗﻤﺮ ﻣﺮور اﻟﻜﺮام ﻟﺪى ﻣﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺳﯿﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن وﻣﺪﻟﻮﻻﺗﮫﺎ،
وأﺛﺮھﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻘﺮار وﺟﺬب اﻟﺴﯿﺎﺣﺔ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر.