مخرج نجاة للحكومة والنواب



رئيس الحكومة أمام تعديل وزاري، والتعديل سيؤدي الى صداع كبير، سياسياً وشعبياً ونيابياً، لأن التعديل الوزاري يراد منه إدخال النواب الى الحكومة، وهو نفسه وعد الرئيس لذات النواب كان مؤجلا، وبات قريباً.

إذا أراد النواب رفع شعبيتهم، واسترداد مكانتهم التي هدرتها المجالس النيابية السابقة، فعليهم ان يتخذوا خطوة شجاعة، بإعلان رفضهم التوزير، حتى يستقرالنائب نائباً، والوزير وزيراً، وحتى يبقى للمجلس بعض قيمة في نظر الناس، وان يختصروا علينا متاهة التشاور.

إذا بدأت المشاورات مع النواب لإدخال وزراء منهم، فإن هذه المشاورات ستؤدي الى فوضى سياسية عارمة داخل البرلمان، فالكل يريد ان يصبح وزيراً، والكتل النيابية لن تتفق على اسم نائب لتوزيره، حتى لو تم اللجوء الى اسلوب ترشيح كل كتلة لثلاثة أسماء من النواب لتوزيرهم مع ترك الخيار لرئيس الحكومة لاختيار واحد من الثلاثة عن كل كتلة.

رئيس الحكومة وعد الكتل النيابية خلال مشاورات الثقة بتوزيرهم لاحقا، والعودة عن هذا الوعد باتت عودة محرجة، على الحكومة، ولذلك قد يكون صعباً على الرئيس أن يعلن التراجع عن وعده، امام النواب، وسيراهن على مخرج نجاة من جانب النواب.

الكرة الآن في مرمى النواب، وستثبت المشاورات أن حدة الخلافات داخل النواب سترتفع، والكتل النيابية ستتشظى، والصراع على الوزرنة سيشتد الى الدرجة التي سيقول فيها المشهد -عمّا قريب- إن توزير النواب سيكون مكلفاً جداً.

كلفة العودة عن وعد التوزير تبقى أقل من كلفة مشاورة النواب، واختيار بعضهم وترك بعضهم الآخر دون أسس تحكم المشهد.

ثلاثة أشهر مرت من الدورة البرلمانية، تبددت في مشاورات التشكيل والثقة، واذا فتحنا ماراثون المشاورات من اجل التعديل وتوزير النواب، فستضيع بقية الدورة البرلمانية، دون اي انجاز تشريعي أو رقابي.

لا يعقل أن تحتاج كل حكومة جديدة، ما بين تشكيلها وثقتها وتعديلها الى ستة اشهر من عمر النواب، وهذا نزف جائر في حياتنا السياسية والنيابية، ما يفرض البحث عن آليات جديدة، غير تلك التي رأيناها.

جرى انتخاب النائب حتى يراقب الوزير، ولم ينتخبه الناس حتى يصبح وزيراً، كما ان تجربة توزير النواب مؤذية لأن النائب سيسخر وزارته لأجل قاعدته الانتخابية، كما ان هذا الخلط ينسف مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

الرئيس لن يكون قادراً على التراجع عن وعده بتوزير النواب، والتراجع ُمحرج، غير ان مشهد المشاورات المقبل سيأخذنا في لحظة الى احتمال خروج النواب ذاتهم كي يطالبوا بالعودة عن توزيرهم، لكون عملية التوزير لن تنجح ابداً بهذه الطريقة.

لن تسلم ذات الحكومة اذا قررت اختيار فلان، وترك علان، كما ان ذات البرلمان سيغرق في حالة من الغيظ الشخصي والغيرة السياسية والحدة الاجتماعية، جراء توزير البعض وترك البعض الآخر، وهكذا فإن فاتورة التوزير ستتنزل على الطرفين معاً.

لعل النواب يتبنون مبادرة سياسية تعفي الرئيس من وعده ووعوده، منذ هذه الأيام وقبل الاستغراق في المشاورات، لأن هذا الإعفاء هو مخرج النجاة الوحيد المتاح حالياً للطرفين معاً.

قد يكون للرشد والحكمة مكان في العبدلي!.