شيوعيون من أجل الأردن
يعود احتفال الأول من أيار في الأردن، عيد العمال، هذا العام 2013، إلى سياقه الطبيعي؛ فالشيوعيون الأردنيون الذين ناضلوا، في أسوأ الظروف، من أجل إنشاء الحركة العمالية منذ الأربعينات، وتصليبها بالوعي السياسي والمنظمات النقابية، أولئك الذين انتزعوا حق الاحتفال بيوم العمال العالمي، ومن ثم حوّلوه من يوم عطلة إلى يوم نضال، ثم غابوا، يعودون اليوم إلى الميدان. قوى سياسية عديدة عملت وتعمل في صفوف العمال، لكن لا توجد رابطة عضوية بين الحركة العمالية وأي حركة سياسية، كما هو الحال مع الحركة الشيوعية، المؤسسة، ابتداء، على تنظيم الطبقة العاملة وكادحي الريف والمثقفين الوطنيين، في حزب وحركة نقابية وجبهة شعبية توحد كل العناصر التقدمية، وتخلق المناخ للازدهار المادي والروحي للأغلبية الشعبية. الأول من أيار 2013 مختلف باختلاف مشهد الشيوعيين الأردنيين، الذاهبين إلى "اتحاد" يجمع المئات من المناضلين القدامى والشباب معا، ويضم التيارات والخلافات السياسية بلا انشقاقات ولا تخوين ولا استنزاف للطاقات، ويسمح بحرية التعبير والرأي والممارسة والتكتل... إنما يسير الجميع معا في عيد العمال، بل لنقل، بما يناسب الواقع الاجتماعي في بلدنا، عيد العمل؛ فإذا كان الحزب الشيوعي هو حزب الطبقة العاملة، فإن اتحاد الشيوعيين هو حركة تأسيسية لجبهة تجمع كل العاملين بأجر ـ سواء أكانوا عمالا أم موظفين أم معلمين أم مهنيين أم حرفيين أم مثقفين ـ والعاملين لأنفسهم بأنفسهم وبمهاراتهم. وهؤلاء يشكلون الكتلة الأكبر في البلاد. قيل، مؤخرا، الكثير من الكلام الفارغ، المؤذي والساخر، حول العملية الجارية لاستعادة الحركة الشيوعية كحركة سياسية واجتماعية فاعلة؛ فهل يبلغ ذلك مبلغ العذابات والتشويه والشيطنة مما لحق بالشيوعيين في حقب سابقة؟ لقد كان المعيار المسيطر في تقييم الأحزاب سابقا هو قدرتها على صنع الثورة، أو الوصول إلى البرلمان والحكم، لكن هذا المعيار لا يأخذ بالاعتبار المثال العبقري لشجرة الزيتون: "نزرع فيأكلون". يقول الفيلسوف الشيوعي الايطالي، انطونيو غرامشي (بتصرف): يحدث ألا يصنع الشيوعي التاريخ، ولكنه يمهد الأرض ويحرثها ويزرع ويسمد ويرعى ..." ليقطف المجتمع كله، الثمار. منذ الأربعينيات وحتى الثمانينيات، كان الحزب الشيوعي الأردني قوة أساسية في تحريك التقدم في البلاد؛ فهو الذي نشر الثقافة التقدمية، وحفز على قراءة التراث والمنتجات الأدبية الراقية و الفكر السياسي والاجتماعي ، ورعى العديد من المثقفين والأدباء والفنانين، وأسس النقابات العمالية والحركة النسائية، ومنح الآلاف من أبناء الكادحين، فرصة التعليم والتأهيل والثقافة الحديثة، كما منحهم القدرة على المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية. وفي مدرسة الحزب الشيوعي تخرج أهم المفكرين والمثقفين الأردنيين ـ العرب ( غالب هلسا) وألمع المثقفين والصحافيين والأدباء والنقابيين والمناضلين الوطنيين، لكن أهم ما انجزه الحزب الشيوعي هو نشر الروح الوطنية الديموقراطية، لدى أجيال من الأردنيين، أصبح حب الوطن عندهم قيمة تساوي حياتهم، قيمة محتشدة بمعاني التحرر والتسامح والعقلانية والعلمانية. وبغياب الشيوعيين عن صدارة الحركة الوطنية في ربع القرن الماضي غابت هذه القيمة عن أوساط شبابية واسعة. اتحاد الشيوعيين ضرورة وطنية وتقدمية وثقافية لبلدنا وشعبنا، وغدا في مسيرة عيد العمال ، سيسير الشيوعيون والنقابيون والعمال والحراكيون اليساريون معا؛ ستصطبغ سماء وسط البلد، بالأحمر، لكن نجمة الأردن السباعية، ستعلو فوق الجميع؛ فأهم ما تعلمه جيلنا من القائد الشيوعي الكبير الراحل عوني فاخر ( أبو موسى)، هو أنك تغدو شيوعيا من أجل الأردن! |
||