الفنون في خدمة الحراك الشعبي ..

...في تاريخ الثورات العريقة التي انجزت مشاريعها الثورية واستطاعت اسقاط الانظمة التي كانت قائمة ، استخدم قادة الثورات كل وسائل التغيير التي مكنتهم من تحقيق الحلم ،فاستخدموا الموسيقى مع البندقية ، واستخدموا المسرح والفيلم مع المنشور والاعلام ، وابدع فنانون وممثلون في توظيف فنهم وجعله موجها لخدمة اهدافهم في مواجهة الإعلام الرسمي ،فالتحق كبار الموسيقيين بالثوار واقاموا لهم ليالي الترفيه والترغيب في الانتماء للثورة ، واقام الفنانون اعمالا مسرحية واعدوا افلاما وثائقية لغاية جذب الناس نحو الثورة وتوظيف هذه الفنون في خدمة الاهداف حتى تحققت ،وما ثوار دول امريكا اللاتينية كالثورة المكسيكية والكوبية ولاحقا في تشيلي ونيكاراغوا والأكوادجور وكولمبيا وغيرها وكذلك الثورة الفيتنامية إلا نماذج رائده في توظيف تلك الفنون التي قال فيها لقائد الفنزويلي الشهير سيمون بوليفار أنها اي الموسيقى والجيتار تعادل البندقية في حربنا ضد المستعمر وحكم العسكر .
استطاعت تلك الثورات مواصلة الدرب وتحقيق الاهداف بطرق شتى ، مدركين أن ادوات النضال والتحرير لا تتوقف على البندقية والاعتصام والحراك في الشارع ونشر الوثائق الثورية الجامده ،فحاجة المناضل مثلا الى الموسيقى والترفيه والخروج ولو ساعة او يوم من اجواء القتل والدم والمواجهة تعمل بلا شك على تخفيض التوتر الناجم عن عمليات القتل والمواجهة في المعركة ،وهذا توزان يغفل الكثير من نشطاء الثورات والحراك عن ادراكه ، فديدن الثوار والنشطاء ليس الدم والقتل والجمود ومحاربة كل ما يمكن أن يكون مفيدا للثورة ، فلا يوجد في قاموس الثورات قائمة ممنوعات تشتمل الفنون الجمالية والرسوم والكوميديا والموسيقى التي تستطيع الوصول للناس بلغة جمالية باعتبارها جزءا من الهوية والمساحة التي يجب ان تستغل بكل جدارة ، لكن البعض يعتبير ان استخدام الرسوم او الأهازيج او الاناشيد أو الموسيقى في خدمة الثورة او الحراك نقيصة تضر بالثورة او الحراك ..وتلك مغالطة لازالت عالقة في اذهان البعض ، ولذلك علينا التنبه هنا في الأردن الى أن قطاع واسع من الناس قد تجذبهم تلك الفنون وتحولهم الى مناشدين ومطالبين بالتغيير جنبا الى جنب مع قوى الحراك والتغيير في الأردن وخاصة منهم بعض طبقات المجتمع التي لازالت تخشى حتى من التواجد في الشارع حين نبدل من أدواتنا التي يبدو أنها استهلكت منذ 27 شهرا من عمر الحراك .