شقيق البوعزيزي يتحدث عن اسرار مفجر الثورة التونسيه
٣٠ يوماً مرت على انتحار محمد بوعزيزى، الذى يوصف بأنه «مفجّر الثورة التونسية».. بجسده المحترق تسبب فى تغيير مستقبل وطن بكامله فيما سُمى «انتفاضة الياسمين».. جسده المحترق أشعل غضب الشعب التونسى فانطلق فى مظاهرات عارمة من مدينة إلى مدينة ومن محافظة إلى أخيرة حتى أجبر رئيس البلاد على الفرار.
«سالم بوعزيزى، شقيق محمد، قال: «والدتى مصدومة إلى الآن، وحالتها النفسية تسير من سيئ إلى أسوأ. يقول سالم: أخى محمد حرر التونسيين من الخوف فحرروا هم تونس بإخراج الديكتاتور بن على. وإلى نص الحوار.
■ لماذا أقدم «محمد» على إحراق نفسه؟
ــ أخى تعرض إلى ظلم لم يعرف الرأى العام تفاصيله بعد، فالتغطية الإعلامية بدأت من يوم ١٧ ديسمبر الماضى فقط، لكن شقيقى محمد كان يعانى منذ ٧ سنوات من قهر أعوان البلدية، بقيادة فادية حمدى، وموظف آخر يدعى صابر. كانا يصادران بضاعته من الخضروات مرتين فى الأسبوع.
■ لماذا لجأ إلى بيع الخضروات رغم أنه كان حاصلا على مؤهل علمى جيد؟
ــ أخى ليس جامعيا كما يتردد. لقد انقطع عن التعليم حين بلغ البكالوريا لأجل أختى ليلى ولأجل أمى، هو من مواليد ٢٩ مارس ١٩٨٤، واسمه الحقيقى فى بطاقة التعريف الوطنية طارق بوعزيزى، واسم شهرته «محمد بسبوس». وهذا الاسم رافقه منذ كان طفلا لأنه حنون جدا وقريب من كل أفراد العائلة، ولأنه كذلك ضحى بدراسته الجامعية للإنفاق على شقيقته ليلى فى كلية الآداب ولإعالة أمى. نحن عائلة بسيطة وفقيرة ليست لدينا أملاك سوى قوتنا اليومى.
■ لنعد إلى يوم الحادث.. ما الذى حدث بالتفصيل؟
- كالعادة حضرت فادية حمدى وهى آنسة تبلغ من العمر ٣٥ سنة مع مساعدها صابر وصادرت بموجب محضر بلدى بضاعة شقيقى، فاتصل محمد بخالى الصيدلانى ليستنجد به. وفعلا تدخل خالى واسترجع له المحجوزات، لكن بعد ١٠ دقائق عادوا مجددا وصادروا الخضار، وحين حاول محمد الحديث مع فادية صفعته على خده، وسدد له صابر عدة ركلات، ولم يكتفيا بذلك بل ضرباه على أنفه حتى انفجر بالدم عندما حاول اللحاق بهما فى مقر البلدية، فصعد إلى مكتب الكاتب العام للبلدية ليتقدم بشكاية، لكنه رد عليه قائلاً «يا مسخ متكلمنيش»، (بالتونسية تعنى يا قذر لا تحدثنى).
■ وهل قابله المحافظ؟
- لا.. رفض المحافظ استقباله أو سماعه، فخرج للشارع بعد أن احترق من الداخل يصرخ من شدة الغيظ، ثم أحضر البترول الأزرق وأضرم فى نفسه النار وفى الوقت الذى كان يحترق فيه كان حارس المحافظة يضحك.. حتى أنبوب الإطفاء بمقر المحافظة كان فارغا عندما أخرجوه فى محاولة لإنقاده.
■ إذن إهانة هذه الموظفة له هى التى أججت فكرة الانتحار لديه.. أليس كذلك؟
- معروف فى قبيلة الهمامة أن الذى تضربه امرأة نلبسه فستاناً.
■ هل الصور التى توزع وتنشر حقيقية؟
- نعم حقيقية من صور محمد.
■ هل تتابعون ما يكتب عنه فى الإنترنت والصحافة العربية والعالمية؟
- نعم بكل تأكيد ودقة.
■ هل أنصفكم الإعلام التونسى؟
- بصراحة لا... كتبوا عن محمد فقط ليقولوا إن الرئيس بن على زاره فى المستشفى.
■ هل تكلم محمد بعد الحادث؟
- أبدا كان تحت التنفس الاصطناعى ولا يتحرك.
■ رأينا والدتك فى قصر قرطاج مع بن على كيف تم ذلك؟
- كنت برفقة أخى فى المستشفى، وكانت الحراسة مشددة على كل تحركاتى حتى عندما أخرج لشراء السجائر يرافقنى «عون» ـ أى شرطى ـ واتصلت بى شقيقتى وأبلغتنى أن سائق المحافظة حضر إلى منزلنا فى «سيدى بوزيد» وقال إنه جاء خصيصا ليوصل أمى إلى العاصمة لتطمئن على حال محمد. وبوصول الوالدة وشقيقتى إلى المستشفى طلبوا منا ركوب السيارة مجددا وانطلقت بنا إلى قصر قرطاج ولم نكن نعلم وجهتنا.
■ هل قابلت الرئيس المخلوع؟
- لا، والدتى وشقيقتى قابلتاه، أنا التقيت بعض مستشاريه.
■ من هم وماذا قالوا لك؟
- لا أعرفهم، قالوا لا تخف سنرسل محمد للعلاج فى فرنسا.
■ وماذا قال بن على لوالدتك؟
- قال لها «لقد زرت محمد بالمستشفى، إنه ابنى أنا الآن وسأهتم بأمر علاجه فى فرنسا» وهدّأها.
■ سمعت أن أحد أفراد عائلة «الطرابلسية» اتصل بك وحاول تهديدك هل هذا صحيح؟
- لم يكن تهديدا مباشرا، لقد حضر إلى مستشفى الحروق البليغة فى «بن عروس» بالعاصمة تونس شخص ما زلت أحتفظ برقم جواله، قال إنه المحاسب عماد الطرابلسى وعرض علىّ المساعدة المادية، كما اتصل بى أيضا أكثر من مرة، وفى كل اتصال كان يقول لى إنه أسف كثيرا لما حصل لمحمد وكان يكرر استعداده المادى لأى مساعدة أو مبلغ أطلبه، وفى نهاية كل اتصال يقول إنه خارج تونس ويطلب منى تهدئة الناس. وعشية وفاة محمد، يوم الثلاثاء ٤ يناير ٢٠١١، حضرت جماعة عماد وطلبوا منى التنازل عن جثة أخى ليتولوا هم إخراجه ودفنه ليلا مقابل أرقام خيالية، لكنى رفضت بشدة وساندنى الطاقم الطبى الذى لم يدخر جهدا فى العناية ومحاولة إنقاد شقيقى.
■ اليوم وبعد مرور شهر على انتحار محمد كيف ترى صدى الحدث الذى يتحدث عنه العالم كله؟
- أعتز بوطنيتى ووطنية «بسبوس» رحمه الله وأقول له كم أنا سعيد بك.
■ ووالدتك؟
- أمى لا يهمها ما يتردد خارج بيتها مع تقديرها للجميع ولكل من تعاطف معنا، هى تقول: «شمعة دارى وولدى اللى يخدم على راح».
■ هل كانت لمحمد خطيبة أو حبيبة؟
- لا
■ ما الذى تنوى فعله الآن لاسترجاع حق محمد؟
- أريد ملاحقة «فادية» ومحاكمتها أمام الرأى العام الدولى، لن أتركها تفلت منى، وحارس المحافظة الذى كان يتفرج على أخى يُشوى ويضحك، ورئيس البلدية، والكاتب العام للبلدية، والمحافظ، هؤلاء جميعا صادروا أحلام أخى فى الحياة.. ومن خلال صحيفتكم أدعو المحامين الشرفاء فى تونس وكل البلاد العربية والعالم إلى تشكيل لجنة ومساعدتى.