اتهامات طهران وإجابات عمان
رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجوردي قال إن هناك طائرات إسرائيلية في قواعد عسكرية أردنية تستعد لتوجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري وقواته خلال أسابيع.
اللافت للانتباه أن الحرب الإعلامية على خلفية الملف السوري مشتعلة بشدة، ما بين التصريحات وتسريب المعلومات والشائعات على حد سواء في سياق الحرب المعنوية في المنطقة، ولا يمكن قراءة بعض التصريحات والتسريبات إلا من هذه الزاوية.
الطيران الإسرائيلي ليس بحاجة للقواعد العسكرية الأردنية حتى يطير منها لتوجيه ضربة ضد النظام السوري، وليس بحاجة للأجواء الأردنية ايضاً للمرور منها خلال توجيه مثل تلك الضربة، والسبب ليس بحاجة لعبقرية لاكتشافه.
الطيران الإسرائيلي ضرب بغداد مطلع الثمانينيات، وقطع كل تلك المسافة، دون أن يؤثر ذلك عليه فنياً، وقطع مسافة أخرى باتجاه السودان موجهاً ضربة أخرى مؤخراً، والفرق الزمني بين الضربتين كبير، كما هو الفرق أكبر في الإمكانات العسكرية .
لماذا يحتاج الطيران الإسرائيلي لقاعدة أردنية قريبة من سورية لتوجيه ضربات لها، ولماذا يحتاج أساساً للأجواء الأردنية ما دام قادراً على تنفيذ تلك الضربات مروراً بالجولان، أو حتى لبنان، دون أي مخاطر، بما في ذلك قوة حزب الله في لبنان؟!.
هذه مبالغات، في سياق الحرب المعنوية، وهي تصطدم مع الواقعين الميداني والعسكري، وتتعارض من جهة أخرى مع الرفض الشعبي الأردني لتدخل واشنطن، عبر الأردن ضد سورية، فما بالنا بوجود قوات إسرائيلية في الأردن؟!.
لا أحد مع التدخل العسكري في سورية، وهو تدخل مدان ومرفوض، على كل المستويات، بما في ذلك تقديم أي تسهيلات فنية أو عسكرية أو فتح ثغرات لتسلل مقاتلين، أو أي صيغة أخرى، لأن المحرقة السورية لن تترك أحداً من نيرانها.
رغم أن مسؤولين أردنيين سرّبوا سابقاً سيناريوهات محتملة عن حرب إقليمية أو عالمية، لا تبقي ولا تذر، إلا أن تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة تتحدث عن ازمة طويلة المدى في سورية، ولا تتحدث عن حسم عسكري، رغم توطئة الرئيس للحسم العسكري في حال ثبوت استعمال السلاح الكيماوي، وكأن الخلاف هنا على وسيلة الموت، لا على المبدأ ذاته.
إسرائيل لن ترسل طائراتها الى الأردن، وهي غير مضطرة لذلك فنياً، إضافة إلى أن اسرائيل الأكثر استرخاء اليوم، إذ ترى سورية وقد انشطرت وتم تدميرها كلياً على يد الفرقاء، وتمت إعادتها الف عام الى الوراء اقتصادياً واجتماعياً، دون أن تتحرك طائرة إسرائيلية واحدة على أي مدرج عسكري من مدرجات الاحتلال، ودون أن تحرق لتر بنزين في السماء.
قد يكون هناك تنسيق بين دول الجوار السوري على مستويات معينة بشأن ما يجري في دمشق، وهذا التنسيق حتى لو بقي سرياً إلا أنه متوقع ومرفوض في بعض فصوله، دون أن يذهب المراقبون بعيداً بتصوراتهم حول مآلات ذلك التنسيق وسقوفه أيضاً.
يريد رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني أن يقول لنا إن اسرائيل تستهدف نظام الأسد، وان المنطقة تنقسم بين من يوالي إسرائيل، ومن يوالي النظام السياسي السوري، وتلك قصة أخرى لها عودة لاحقة.
ما تريد إسرائيل تدميره في سورية يتم تدميره يومياً بأيدي الجميع تحت شعارات مختلفة، واقنعة متعددة، وشرعيات متضاربة!.