من اختار الرئيس ومن عاداه بالثقة

 


هل نيل النسور لثقة النواب يعني ان المشاورات التي اجراها رئيس الديوان وتمخضت عن ترشيح النسور صحيحة ؟ وأن التقرير الذي ارسله الطراونة للملك كان دقيقا ؟ وهل حسبها الطراونة (بالمنقلة والفرجار) وعرف ان نسبة 51%من اعضاء المجلس يفضلون النسور ؟ وهل ما جرى بالمجلس كان ضمن التوقعات ام خروجا عليها ؟
النتائج تشير إلى ان النسور استطاع ان ينتزع الثقة من النواب انتزاعا مستخدما كل وسائله وادواته التي اثمرت عن تغيير مواقف عدد من النواب لم يزيدوا على العشرة ، وهم الذين قلبوا الموازين و شكلوا الفارق الذي حصل عليه الدكتور النسور ، فالتجربة عند الدكتور النسور وضعته امام خيار واحد وهدف واحد هو الثقة ؛ وهي مشروعية الرئيس والحكومة معا ، وبداية انطلاق عمل الحكومة، لكنها ايضا سلاح النواب في مراقبة الحكومة .
اجتماع النواب المعارضين وانضمام عدد آخر من النواب الذين منحوا الثقة في قصر النخيل، انما يشكل رسالة واضحة ليست موجهة للحكومة فقط بل لصانع القرار الذي يعتقد ان اغلبية برلمانية هي التي اختارت الحكومة ، وان الثقة بعد التشاور والاختيار ستكون تحصيل حاصل على العكس مما حصل ؛ لهذا سيجد رئيس الديوان نفسه أنه بحاجة لاعادة التاكيد على شفافية الحوارات ووضوح التقرير المرسل للملك ، واعتبار نتائج تصويت الثقة كتحصيل حاصل لواقع المشاورات .
رئيس الحكومة مضطر لاجراء تعديل وزاري يدخل به عددا من النواب يضمن بهم بقاء الاغلبية وفي الوقت نفسه تثبيت ثقة الحكومة ما يبعث حالة من الاستقرار لدى المجلس للانطلاق نحو تحقيق الاهداف التي وعد النواب والشعب بها .
حراك النواب وبهذا الزخم المتزايد ، انما يبعث على التساؤل. لماذا يصر النواب على ذلك. أليس من الطبيعي أن يحترم النواب المعارضون رأي زملائهم المؤيدين (اي الأقلية رأي الأغلبية ). اليست هذه لعبة البرلمان ، ام ان الرسالة موجهة لمن يهمه الامر بناء على ما يقوله بعضهم من ان تغيير المواقف جاء نتيجة تدخلات خارجية؟ أم هي رسالة صاخبة تعكس رفض النواب لطبيعة المشاورات التي اجريت بالديوان، وأن حقيقة الامر لم تكن كما وصفه التقرير!
أيا كانت رسائل النواب فان الامر سيكون مثيرا لحفيظة الملك ، ولا بد من اعادة طرح آلياته التي بحثها الملك في اوراقه النقاشية .
المسألة زادت من حجم التحدي امام رئيس الوزراء شخصيا باعتباره هو الواجهة الحقيقية لهذا الطوفان النيابي الذي يركز على مبدأ الحكومة البرلمانية والعلقة الشفافة والواضحة والصريحة مع المجلس .
السؤال الثاني الذي لا بد أن نطرحه . ماذا بعد ؟ أي ماذا بعد توزير عشرة نواب، وما هي أسس اختيارهم وما هي مواصفات النواب خاصة الذي يتولون وزارات فنية كالزراعة مثلا ، وهل سترشح الكتل المتعاونة مع الرئيس ممثلين عنها دون (زعل) بقية اعضاء الكتلة الواحدة ؛ أي هل يضمن الرئيس تصويت بقية اعضاء الكتلة ، وهل ستصمد الكتل البرلمانية بعد خروج عدد من اعضائها عن السرب التكتلي ؟ .
النواب دخلوا وزراء في ستة حكومات (حسن خالد ابو الهدى عام 1928 وابراهيم هاشم 1933وسليمان النابلسي عام 56 ومضر بدران نهاية 1989 والامير زيد بن شاكر اعوام91 و 95 والكباريتي عام 96 وها هي حكومة النسور ستستضيف نوابا كوزراء بعد 16 عاما . .
الحقيقة أننا ما زلنا بعيدين عن مفهوم الحكومات البرلمانية (الفريدة والاغلبية , والاقلية ..) التي هي بالاساس احزاب تتنافس ، وما نشهده اليوم هو عملية تطعيم الحكومات بالنواب، ولكن هل وصلنا لحقيقة الحكومة البرلمانية ؟! الجواب لدى النواب...