لماذا أعلن الرئيس عن تعديل قريب؟

 

رئيس الحكومة أعلن -سابقاً- عن نيته إجراء تعديل وزاري نهاية العام، يتم بموجبه إدخال النواب كوزراء، والتعديل على الحكومة التي تشكلت للتو كان مؤجلا، الا ان ثلاثة اسباب مستجدة جعلت الرئيس يعلن -الجمعة- أن التعديل على حكومته بات قريباً جداً.

تم تشكيل حكومة رشيقة، وتم عبرها دمج الوزارات، إذْ حمل بعض الوزراء أربعَ حقائبٍ وزارية معاً، وأعلن الرئيس انه سيقوم لاحقاً بتفكيك الحقائب، وإعادة التموضع، بحيث يجري تعديلا وزارياً نهاية العام.

كانت تلك اشارة باتجاه البرلمان، وبحيث يكون ممكناً توزيرُ النواب، في سياق تشبيك سياسي يراد منه خلق شراكة بين الحكومة والنواب، ويستهدف أيضاً انتاج «مُساكنة سياسية» في العلاقة بين النواب والحكومة.

ماالذي دفع رئيس الحكومة -اذن- الى تغيير ميقات التعديل وتبكيره؛ بحيث يكون خلال الفترة المقبلة؟!.الأسباب متعددة، والنتيجة واحدة!

السبب الاول يعود الى تذمر وزراء من حملهم لبضع حقائب؛ إذْ اشتكى هؤلاء من مصاعب في العمل، وعدم قدرتهم على إدارة بضع وزارات في وقت واحد، وهذا الكلام أبلغه وزراء للرئيس في سياق تعبيرهم عن كلفة الدمج السلبية بين بضع حقائب.

اساساً، كان الدمجُ أثارانتقاداتٍ من باب التساؤل حول قدرة الوزراء المهنية على التعامل مع ملفاتٍ وحقائب متقاربة او متضاربة.

السبب الثاني يتعلق بشعورالرئيس بوجود حرب طاحنة ضد الحكومة، تدار داخل البرلمان ومن خارجه، من لوبيات نافذة، وتقييمات الرئيس جرت خلال جلسات الثقة، وماقبلها عبر تدفق معلومات معينة، وعبر مؤشرات كثيرة؛ ما فرض على الرئيس تغيير موعد التعديل لتخفيف حدة الحرب، ولامتصاص دوافعها المتنوعة.

الحكومة حظيت بثقة جيدة، إلا ان الرئيس استنتج أن هناك دواماتٍ تتم صناعتها،احياناً،ضد الحكومة بشكل متعمّد من جانب آخرين.

السبب الثالث يعود الى وجود تفاهمات بين الرئيس وبعض الكتل النيابية بمنح الثقة لحكومته مقابل التوزير، وهذه التفاهمات قامت على اساس رفض موعد التعديل المتأخر، ومطالبة المانحين بتعديل مبكر؛ لاعتقادهم أن تأجيل التعديل حتى نهاية العام يراد منه تأمين أطول وقت ممكن من الهدوء تحت القبة، في ظل مخاوف نيابية من تخلي الحكومة عن وعدها المؤجل لاحقاً.

رئيس الحكومة كان أخذَ ضَوْءًا أخضرَ قبيل جلسات الثقة، على مبدأ التعديل الوزاري المبكر، بعيداً عن الموعد المعلن نهاية العام، وهذا يفسر خروج الرئيس وإعلانه عن التعديل والملك في واشنطن، اذ حاز الموافقة الاحتياطية قبيل رحلة واشنطن، لقراءة الرئيس للاوضاع حتى قبل بدء جلسات الثقة.

في كل الحالات، فإن المخاوف تتعلق بمشاورات منهكة مع النواب،بحيث ندخل في دوامة جديدة من الاستشارات،ومعها ضغوطات نيابية من اجل التوزير وطلب حقائب محددة، يضاف اليها حالة من الصراع بين ذات النواب،حول من سيتم توزيره في التعديل، بما يؤدي في المحصلة الى تشظية النواب وكتلهم.

مع ماسبق، فإن الرأي الشعبي ضد توزير النواب؛ لأن الناس انتخبوا النائب حتى يراقب الوزير،لا من اجل ان يصبح وزيرا،ولعل المفارقة تكمن في كون صلاحيات النائب وقوته تفوق الوزير؛ غير ان لقب المعالي يخطف الابصار والأفئدة على حد سواء.

التعديل الوزاري المبكر قد يحل مشاكلَ متناثرة،غير إنه بالتأكيد سيتحول الى مشكلة بحد ذاته، وقد تستجد مخارج نجاة اقليمية تجعل كلَّ الكلامِ عن التعديل مؤجلا، حتى تنجليَ السُّحبُ السَّوداءُ عن المنطقة.