ليس كبقية المجالس

 

اثبتت نقاشات الثقة بالحكومة أن مجلس النواب السابع عشر ليس كبقية المجالس النيابية التي تعاملت معها عشر حكومات سابقة على الأقل حتى لو تشابهت مضامين الخطابات, وثبت ايضا ان د.عبد الله النسور رئيس مختلف ايضا وليس كبقية الرؤساء الذين عايشوا نفس الظرف وجلسوا في مقعد المنصت للاصغاء لاقسى خطابات قيلت بحق حكومة اردنية منذ قيام الدولة، فرق واحد يستحق الذكر ومن المهم ان يعرفه الناس وهو ان ( صفقات ) الحصول على الثقة لم تكن شخصية لأول مرة، ولا على حساب بقية المواطنين فلا وعود بمناصب لاقارب ومحاسيب ولا وعود بجامعة او مستشفى ليس له رصيد..!

اختلف الواقع السياسي والاجتماعي في الاردن بما لا يترك مجالا للشك بأن المستقبل سيشهد حراكا برلمانيا يترك بصماته في القرار الاردني على المستويين الداخلي والخارجي، ففي برلماننا اليوم مجلس نواب منتخب فعلا لا اعلاميا وحسب يتبارى فيه ممثلوا الشعب على التقاط الافكار والمبادرات التي تعزز من هيبة المجلس ويخوضون معركة استقلال الرأي والموقف والصوت للتحرر من التبعية التي عطلت دور المجلس والنائب.
في المقابل، تشكلت في البلد اليوم حكومة مختلفة ايضا، ليس في الشكل فقط كما اتهمها غالبية النواب، وانما في طريقة التفكير التي فرضتها ارادة الشعب من خلال نوابه, وفي النظرة الى البرلمان قبل الشروع بالعمل واتخاذ القرارات، ثم بعد ذلك في درجة الحذر من اتخاذ القرارات غير المحسوبة، اي انها حكومة سوف تتميز مجبرة في رفع مستوى احترام المسؤولية الى اقصى درجة, وفي الحرص على بقاء العلاقة مع مجلس النواب عند حد صمود الثقة، وما من طريقة الى هذا الهدف غير العمل وتلافي خطايا الحكومات السابقة، فلا تحيز ولا تمييز ولا تهميش ولا تنفيع ولا اغماض للاعين عن الفساد والمفسدين، وهذا هو الطريق الامن نحو البقاء لا سياسة ترضيات النواب، فهذا هو الخطأ القاتل المشترك الذي ارتكبته الحكومات ومجالس النواب معا، وعلى الحكومة من جانبها امتلاك قراراها بالكامل لان النواب لن يحاسبوا هذه الجهة او تلك على قرار اجبرت الحكومة على اتخاذه تحت اي عنوان كان، والحكومة صاحبة الولاية العامة بموجب الدستور ستسأل عن السياسة الخارجية وقراراتها كما الشأن الداخلي وقرارته.
سوف تتشكل في مجلس النواب حكومة ظل دون ان يخطط لها احد، فهذا قدر المجالس حين تنقسم الى مؤيدين للحكومة ومعارضين لها، وهذه هي الخطوة الاولى على طريق الديمقراطية وربما فيما بعد سنة او سنتين من الان سوف تجير هذه الخطوة على طريق الملكية الدستورية التي يريدها الملك والشعب، وما سنشهده من صراعات مستقبلية بين الحكومة من جهة وحكومة الظل في البرلمان من جهة أخرى سيكون لصالح الناس حتى عندما يكون الاختلاف سطحيا وغير ذي قيمة، الداعمون للحكومة لن يبقوا على حالهم فالعمل سيغير موازين القوى مع كل قرار، فقد ينقص عدد المؤيدين وقد يزيد، والامر كذلك بالنسبة للمعارضين، انه الدرس الاول، فهل يكون مجرد حلم ام انه التفاؤل..!