نقاد الخصخصة !

 

شكلت الحكومة لجنة إستدعت إليها خبراء من الداخل والخارج , لتقييم ومراجعة برنامج الخصخصة , وكان سبق اللجنة بسنوات دراستان واحدة للبنك الدولي يتكليف من وزارة التخطيط وثانية وضعها صندوق النقد , وفي الأثناء أشبع مجلس النواب السابق البرنامج بحثا ودراسة .

بالرغم من أن نتائج كل ما سبق من دراسات وبحوث ونقاشات معلنة ومنشورة لمن يريد , الا أن عددا من النواب رأى في نبش البرنامج مادة دسمة , خاطبت عواطف الشارع من جهة , وصبت جام غضبها على السياسات الإقتصادية من جهة أخرى , في تجاهل لنتائج الدراسات السابقة وفي إستباق للنتائج المتوقعة من اللجنة الحكومية وهي قريبة .
اللافت أن مجموعة من المستفيدين من البرنامج إنقلبوا عليه , فرأينا كيف جاءه النقد من مهندسيه القانونيين وتابعنا كيف تخلت عنه حكومات كان لها الفضل في عقد معظم إتفاقياته , وأخيرا إنضم بعض رجال أعمال إستفادوا من مشاريع ولدت على هامش البرنامج الى صفوف الغاضبين بعدما أصبحوا نوابا .
يفترض أن تكون النتائج التي ستتوصل اليها اللجنة الحد الفاصل في الحكم على البرنامج , ليس نحو الخطأ أو الصواب , بل هي نتائج محايدة ترشدنا الى الفوائد والأضرار , مثل دليل إسترشادي يؤخذ به عند وضع خطط وبرامج المستقبل , ومع أن اللجنة ستبحث فيما إن كانت ثمة أخطاء أرتكبت , لكن عليها أيضا أن تبحث في الأسباب التي قادت الى تنفيذ هذه السياسات , ولا بأس في عقد مقارنة بين أوضاع الشركات أو المشاريع قبل الخصخصة وبعدها والمقارنة أيضا يجب أن تعقد بين ما أدت اليه السياسات الإقتصادية قبل أزمة عام 89 وما أدت اليه السياسات التي طبقت بعد هذا العام .
هناك ربط عجيب بين الخصخصة والمديونية والبطالة والفقر , فالخصخصة وهي تخلي القطاع العام عن إدارة المؤسسات والشركات للقطاع الخاص , لتحقيق أهداف محددة أهمها زيادة الربحية وتحسين عوائد الخزينة من الضرائب والرسوم والأرباح وتدويرها في الإقتصاد , ., ليس من مهامها معالجة المشاكل الإقتصادية التي يشاء من يستسهل الربط منحها إياها .
المديونية زادت لأن الحكومات المتعاقبة توسعت بالإستدانة , ومسألة إستخدام هذه الديون مسألة أخرى ليس هنا مجال بحثها , وعلة فرض أن الفقر والبطالة إرتفعت معدلاتهما بعد الخصخصة , فهي مصادفة من حيث التوقيت لكنها مختلفة في الأسباب بلا أدنى شك ومرة أخرى ليس هنا مجال بحث هذه الأسباب المتعددة, بدءا بالخطط والبرامج الإقتصادية والمشاريع المولدة لفرص العمل وغيرها .
هناك من يطالب باسترجاع أسهم الشركات لتعويض الثروة التي تكونت من فرق أسعار الأسهم التي إرتفعت , لكن أحدا لا يطالب بتعويض المستثمرين عن الثروات التي ضاعت بسبب فرق أسعار الأسهم التي إنهارت .