الذهب ليس ملاذا آمنا !

 

ما حدث الاسبوع الماضي يدفع الى اعادة النظر في المعتقد الشائع بأن الذهب ملاذ آمن للمستثمرين والمدخرين.
الذهب انخفض بحوالي 200 دولار للأونصة او ما يناهز 14 بالمئة من قيمته السوقية في اقل من 48 ساعة، وذلك من دون اي مبرر مقنع للانخفاض سوى عمليات التداول و المضاربة.
بل ان هذا الانخفاض يأتي رغم ما يشهده العالم من تباطؤ في النمو و تقلبات سياسية عادة ما تفتح شهوة المستثمرين نحو الاصول المصنفة كملاذ آمن: امثال الذهب و سندات الخزينة الامريكية.
اصابع الاستفهام تنطلق اليوم لتنال من البنوك المركزية التي ما زالت تستثمر احتياطات بلادها الاجنبية بشكل مكثف في المعدن الاصفر، وعما اصاب قيمة مخزونها الاستراتيجي من انخفاض مقابل تدهور اسعار الذهب في الاسواق العالمية.
بالمقابل، تظهر الحكمة والمعرفة في طبيعة الاسواق لدى البنوك المركزية التي ركزت استثمارات احتياطاتها بالعملات التي تغطي مستوردات دولها بعيدا عن الاصول متذبذبة القيمة كالذهب.
من ضمن هذه المؤسسات الحصيفة البنك المركزي الاردني والذي تفادى خسارات موجعة نتيجة ابتعاده عن توظيف احتياطاته في الذهب.
فكما تظهر اخر نشرات البنك المركزي، لا يوظف البنك اكثر من 516 مليون دينار او ما يعادل 8 بالمئة من احتياطاته الاجنبية في الذهب، بينما يستثمر ما تبقى من هذه الاحتياطات بالدولار الذي تتداول به 90 بالمئة من مستوردات الاقتصاد الاردني.
مشكلات الذهب متعددة ومساوئ الادخار والاستثمار به اكبر من قدرة الافراد او حتى الدول على الاحتمال.
فالذهب ليس عملة ولا يمكن استخدامه في المعاملات التجارية، و هو ما يعني تجميد الاموال بعيدا ان الاستفادة من اسعار الفوائد او استثمارها في الاسهم او العقار او المشروعات الانتاجية.
من جهة اخرى، تشير الدراسات الاحصائية المتخصصة الى ان قيمة الذهب اكثر تذبذبا من جميع العملات الرئيسية في العالم، و بما يؤكد انتفاء نظرية الملاذ الامن عن المعدن الاصفر.
اما سوق المجوهرات، والذي يمثل اوسع استخدامات الذهب، فقد ارتفع سعره مؤخرا بصورة خيالية تتنافي مع معدلات التضخم والنمو المتراجعة عالميا، وهو ما يتنافي مع القيمة الواقعية العادلة لهذا المعدن.
هناك وسائل انجع للتحوط من التضخم او تراجع قيمة العملات الورقية مثل السندات المربوطة بالتضخم، الاستثمار في الشركات الناجحة، أو الاستثمار العقاري وجميعها استثمارات لها استخدام فعال تحاجه مختلف الوحدات الاقتصادية، اي ان لها قيمة واقعية و ملموسة !.