المـــاء الافتــراضي Virtual Water

الماء الافتراضي (Virtual Water) مصطلح خارق جديد وضعه خبير المياه المعروف وأستاذ الجغرافيا في كلية الملك (King’s College) في جامعة لندن طوني علان، ويعني به الماء الذي يستهلك لإنتاج وحدة ما من السلعة النباتية أو الحيوانية أو الآلية وتحضيرها للاستهلاك.
ومن ذلك - مثلاً - كما يفيد أن فطوراً يتكون من كأس من القهوة، وقطعة من الخبز، وشريحة من اللحم، وبيضة واحدة، وكأس من الحليب، وتفاحة واحدة، يحتاج إلى ألف وماية ليتر من الماء ليصل إليك ويوضع على مائدتك، أي ما يعادل سعة ثلاثة أحواض استحمام (بانيوهات) من الماء استخدمت لتنمية وإنتاج وتغليف وشحن وإعداد المواد المذكورة في الفطور. إنها المياه الخفية في السلع التي تأكل وتشرب.وقد وصف طوني علان هذا الماء بالماء الافتراضي، الذي قلما يخطر على بال أحد وهو يأكل أو يشرب أو يستهلك سلعة ما.
ويضيف: إن استهلاك الفرد الأمريكي غير النباتي من الماء الافتراضي يومياً يبلغ نحو خمسة أمتار مكعبة أي ما يعادل سعة خمسة عشر حوض استحمام. أما النباتي فيستهلك نحو ألفين وسبعماية لتر يومياً من المياه الافتراضية، أي ما يعادل سعة ثمانية أحواض استحمام من الماء.
وبالتفصيل فإن كيلوغراماً من حبوب القهوة الخضراء يحتاج إلى واحد وعشرين ألف ليتر من الماء الافتراضي (21م2) لإنتاجه وتهيئته ووصوله إليك. أما كيلو غرام لحم البقر فيحتاج إلى خمسة عشر ألف وخمسماية ليتر من الماء الافتراضي لإنتاجه وإعداده وتهيئته ليصل إليك ويوضع على المائدة. أما كيلو غرام الأرز فيحتاج إلى ثلاثة آلاف وتسعماية ليتر من الماء الافتراضي لإنتاجه وإعداده وتهيئته ليصل إليك ويوضع على مائدتك. أما كيلو غرام القمح أو الشعير فيحتاج إلى ألف وثلاثماية ليتر، بينما يحتاج كيلوغرام الحليب إلى ألف ليتر، والبيضة إلى مئتي ليتر، والتفاحة إلى سبعين ليتراً، وشريحة الخبز إلى أربعين ليتراً، وكأس الشاي إلى ثلاثين ليتراً، والورقة البيضاء A4 إلى عشرة لترات، وأننا عبر التصدير والاستيراد نشرب ماء ونأكل ماء (سطحياً أو جوفيا أو كليهما) مجاناً تقريباً ونحن لا ندري، بل إن الدول المصدرة هي التي تتحمل كلفة هذه المياه (والطاقة) البيئية السلبية، فالمستورد من الصين يتمتع باستهلاك سلع رخيصة ويستريح من تداعياتها البيئية السلبية المرافقة لانتاجها وأعدادها وتهيئتها للاستهلاك أي أن الكلفة البيئية (التلوث ونضوب المصادر) لا تضاف إلى السعر. لقد استوردت الصين (سنة 2000) ما مجموعه ستين كيلو متراً مكعباً من المياه الافتراضية من خلال مواد الغذاء، وأربعة عشر كيلو متراً مكعباً من خلال السلع الصناعية بينما صدرت خمسة وخمسين كيلو متراً مكعباً من المياه الافتراضية التي استخدمت لانتاج السلع المصنعة وتسعة وعشرين كيلومتراً مكعباً من المياه الافتراضية من خلال المواد الغذائية (الكيلومتر مكعب من الماء يساوي بليون متر مكعب منها)، وكأنها ربحت بالتبادل التجاري عشرة كليومتر مكعب من الماء أي ما يعادل عشرة بلايين متر مكعب منه. وبعبارة أخرى فإنه قد يجري حساب الصادرات والواردات وربما ميزان المدفوعات بكميات المياه المستوردة والمصدرة بالكيلومتر المكعب.
عندما تقوم الدول النامية بالتصدير الغذائي فإن النتيجة فتاكة بالتلوث ونضوب المصادر المائية غير المتجددة لأن التصدير والاستيراد هما في النهاية تصدير للمياه الإفتراضية واستيرادها، فنحن لا نشرب المياه فقط بل نأكلها أيضاً، غير أنه إذا أضيفت كلفة هذه المياه إلى أسعار المواد الغذائية والسلع الصناعية فإن الأسعار سترتفع إلى عنان المساء وربما لن يكون بقدرة أحد - سوى قلة قليلة جداً - الاستمتاع بإفطار، أو غذاء، أو عشاء، شهي (للحديث بقية).