النسور..السرور..وغراب البين !!!



القلم عراف المستقبل،يستبصر ما تحبل به الايام،ويستكشف ما يدور في دواخل الجحور رغم حُلكتها المحلولكة. لذلك من كان مركبه القلم لن يخشى من الغرق.تميز اهل الكلمة / الشفرة،انهم لم يغمدوا اقلامهم رغم قساوة المرحلة بل شحذوا شفراتها قبل اقتحام المسالك الوعرة. اهل السيف آثروا اغمادها،وانكفأوا للصفوف الخلفية،في حين ان الامة بامسّ الحاجة اليها،واكتفوا من فدائية المواجهة ببهلوانية الاستعراضات،ومن قتال الفرسان الى "سلام الشجعان" مما ادى بنا للخذلان وضياع الاوطان. 

*** اهل القلم دفعوا الثمن لانهم لم يبيعوا مواقفهم،بينما اهل السيف،اصابتهم رخاوة العضلات وتكلّس المفاصل بعد ان تخلوا عن الركض في الميادين،وغادروا التمترس بالخنادق الى التنّعم بصالات معاهدات الفنادق. ادعاءات ابو تمام بان "السيف اصدق إنباءً من الكتبِ"، سقطت عندما اصابت الايدي القابضة على مقابض السيوف رخاوة.و لان القوانين الفيزيائية لا تقبل الفراغ، احتلت الكلمة الشوكة صدارة المجالس،حيث صارت اعلى كعباً،وابلغ اثراً ،واكثر همةً من السيوف المذهبة المعلقة في متاحف العربان المستعربة،و حكاياتها المسجاة في بطون التاريخ التي تقطر دماً .دليلنا ان اطفال العرب "الهكرز" هدموا اسوار اسرائيل الحصينة بالكلمة،واخترقوا قبابها الفولاذية بالاغنية،ورسموا بالخط العربي آيات الفتح على الشاشات العبرية،ورفعوا آذان الفجر و تسابيح النصر،فوق اعلى منابرها،فيما عجزت جيوش بلدانهم المليونية عن تحرير قرية فلسطينية. 

*** ما يبعث على الاعجاب والاستغراب، جواب اطفال العرب عن اسباب انتصارهم المدوي في معركتهم ضد دولة لا تقهر كما يدعي قادة العربان. .فاجاب احدهم : ربحنا المعركة لان الحكام العرب كانوا خارجها. 

*** متزلف يقف على الضفة الاخرى، قال ذات نفاق لولي نعمته في معرض النصيحة:سيدي لا تخش الجموع العربية المنتشرة في الشوارع، انها لا تحتاج اكثر من سوط خيرزان لتهشها كالقطعان. جموع كغثاء السيل اضعف من ان تعوي تعبيراً عن جوعها او تأنَ وجعاً من ظلم لحق بها ،فالاجهزة جاهزة، والزنازين الرطبة اكثر من ان تحصى،فيما الخوازيق قادرة على تعليمها كيف تبتلع السنتها،وتطأطىْ رؤوسها.ما لم يخطر في ذهن المتزلف وسيده ان الجموع الجائعة عندما تضيق احوالها تعلك امعاءها وتطول السنتها . فتخرج عن مألوفها،صارخةً ملء حناجرها : "الطفران عدو السلطان" و" الظالم عدو الله". 

*** جموع مطحونه لم يبق عندها ما تخاف عليه، فهدمت حاجز الخوف واستنبتت مشاتل الحرية،و مساكب الديمقراطية،واستلت من ضراوة الضنك شجاعة الصرخة المزلزلة،و استقطرت من رحيق الفقر اكسير الانفة.فكان اكتشافها "الكنز" :ان فزاعة الخوف مصنوعة من قش هش وقماش رديء.عندها رفعت ميزان العدل في الميادين العامة،فكانت أُولى اولوياتها تعرية المسؤولين المنحرفين وتجريد السياسيين المخادعين،بازالة الستائر الثقيلة التي يقبعون خلفها،و رفع الهالات المكذوبة التي يحيطون انفسهم بها،من اجل محاكمة المرحلة،وللحجر على خنازيرها. 

*** الفاسدون والخنازير يمتحون من بئر النجاسة،وينهلون من مستنقع القذارة.فمن اجل الطهارة الوطنية،والنقاء القومي يجب محاربتهم،بدءاً من الابقار المقدسة التي لا يجرؤ احد على الاقتراب منها.فالفساد ليس قدرا مكتوبا علينا،وليس موروثا جنينياً يعيش فينا. وما قاله الرئيس النسور حرفياً يمكن ادراجه على هذا المدرج : "لا يوجد رأس عصي على الكسر،ولن تسمح الحكومة لفاسد مهما كان حجمه ان يستولي على حقوق و ارزاق الناس". 

*** مع احترامنا للرئيس تمنينا ان لا يستدعي دولته مصطلحات عُنفية من الموروث الشعبي،ويستلها من الذاكرة العميقة،ذاكرة ما قبل الدولة،اذ ان تكسير الرؤوس ينسحب لا شعوريا لدى المتلقي الى ادواتها من قناوي وحجارة واسلحة بيضاء،في حين يعاني الشعب الاردني حساسية مفرطة من موجة عنف لا مسبوقة في تاريخه.كان الاجدر به ان يتحدث بثقة المسؤول الاول: سنقدم كبار المسؤولين و عتاولة المتنفذين للقضاء العادل لمساءلتهم،من اين لكم هذه الملايين المكدسة، والقصور الفارهة، واساطيل السيارات الفخمة.الانكى تعهده الثاني قبل يوم من بيان الثقة بانه لن يرفع اسعار الخبز والاعلاف،ولا نملك في هذا الباب، الا ان نقول له : هداك الله يا دولة الرئيس "ليس بالعلف وحده يحيا الانسان". ولماذا تربط الحكومات على الدوام بين الخبز والعلف. 

*** الاستطلاع الامريكي الصادر عن المعهد الجمهوري مؤخراً اشار الى ظاهرة تنامي الشعور بالخيبة عند الشعب الاردني من الحكومة والتشاؤم من البرلمان. فالاغلبية الشعبية بنسبة 59 % اكدت ان الوطن يسير في الاتجاه الخاطىء،مقابل 32% اجابت بالايجاب،و للاسف اغفل الاستطلاع ان الـ 9% الباقية رفضت التعبير عن ارائها إما لانها ما زالت مسكونة بعقدة الخوف منذ ايام الاحكام العرفية،او انها على قناعة راسخة،ان لا جدوى من الكلام لان جماعة الحل والربط مصابون بالطرش.الرافضون للنهج الحكومي 59%، واليائسون منها 9% ،وبحسبة بسيطة يكون حاصل جمعها،68% ، ناهيك عن ارتفاع نسبة الباطنيين التي اجابت بالايجاب، اي ان اكثر من ثلثي الشعب الاردني غير مقتنع بسياسة الحكومة، و اداء البرلمان معاً. 

*** بالارقام التي لا تكذب يقول الاردنيون : لا امل يرجى من حكومة النسور،حكومة النجم الواحد ووزرائه الكمبارس. ولا خير على الاطلاق من مجلس السرور،مجلس الجاهات والوجاهات... جاهة المكتة،جاهة الخيمة، جاهة العودة للعودة للمجلس،جاهة عصير النشوة ، جاهة الشروع بالطلقة،جاهة اطلاق بذاءة اللفظة،جاهة العطوة لشراء لسان نائب بمائة ناقة.مجلس اخذ دور فنجان القهوة،و اصبح، وصمةً بدل ان يكون بصمة،وحكومة هشة حصانها اعرج و عربتها عجلاتها معطلة.معادلة نتج عنها، سقوط اكذوبة تشكيل حكومة برلمانية، منبثقة عن برلمان شعبي،فلا هي برلمانية ولا هو شعبي. 

*** الحكومات فشلت في تطبيق القوانين الوضعية، لتحقيق العدالة الاجتماعية، فلماذا لا يتعلم المسؤولون العدالة الفطرية من الحيوان،و يحذو حذوه في شيم الفروسية وتطبيق قوانين الفطرة الربانية،بعد ان بلغت الوقاحة عند الحرامية مناسيب عالية من قلة الحياء وعدم الخوف من الله في التلاعب بارزاق الناس، وسلب حقوقهم. 

*** الذئب الموصوف بالتوحش لا يغدر فريسته بمهاجمتها من الخلف.الاسد الملك لا يصطاد الا حاجته ولا يدخر لغدٍ شيئا.القط يُنكّس شاربه ويرمي راسه ارضاً اذا ضُبط وهو يسرق كسرة جبنة،اما الجمل فلا يقضي وطره امام الناس،لكنه ان احس بعين تراقبه لملم شهوته وانسحب من مهمته.اليست هذه الشمائل جديرة بالتقليد.؟!. 

*** الاغرب حكاية الغراب،المتهم زوراً انه نذير شؤم وخراب، لكن حقيقة الامر انه اذكى الطيور و اعدلها.فهو الذي علم قابيل القاتل كيف يواري سوأة اخيه هابيل الوادع.طائرهو الاعدل في تطبيق العدالة في العلاقات البينية بين افراد جنسه .ففي عالم الغربان قوانين صارمة تحكم سلوكيات الفرد،و اي تجاوز للقوانين يعد جريمة ،ولكل جريمة عقوبتها .فجريمة السطو على طعام الفراخ الصغيرة،عقوبتها الفورية،نتف ريش الغراب المعتدي حتى يصبح عاجزاً عن الطيران كالفراخ المعتدى عليها، ليعود سيرته الاولى ضعيفا لا يقوى على الطيران.من حقنا ان نتساءل:الا نشبه الى حد كبير الفراخ الضعيفة الممعوطة الريش،التي اغتصب طعامها وانتهكت حقوقها؟!. واذا كنا كذلك،ونحن كذلك، فلماذا لا يصار الى نتف ريش الحرامية لشل قدرتهم على الطيران باموالنا الى خارج البلاد ،وردعهم عن تهريبها في الداخل ؟! .