زيارة الملك إلى واشنطن

 

رغم التأكيد الرسمي المستمر على موقف الأردن الرافض لأي تدخل عسكري في سوريا، والمؤيد لحل سياسي للأزمة، إلا أن تحولا جذريا طرأ بعد الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى المنطقة، تبعها حملة حول الضغوط التي تتعرض لها عمان بسبب اللاجئين ووجود مطالبات بتحرك دبلوماسي، وألا يبقى البلد مجرد متفرج، ويكون له دور مهم في إنهاء الأزمة.

التحول قد لا يعني بالضرورة تدخلا عسكريا مباشرا أو إقامة منطقة عازلة بالقرب من الحدود الأردنية للجيش الحر، يحتشد فيها هو وعتاده الذي يمكن أن يتلقاه من الخارج، وبخاصة أن قرار الجامعة العربية الأخير منح الإذن بتزويد المعارضة السورية بالسلاح والمال كل على طريقته وظروفه.
سياسة عمان تتفق تماما مع الولايات المتحدة الأمريكية بما يتعلق بجيش النصرة وامتداد القاعدة، على اعتبار أنها هواجس للطرفين في حال سقط النظام في دمشق وتولت زمام الحكم، ضمن مخاوف أخرى تفضي إلى تقسيمات متناقضة ترهب «إسرائيل» من جهة ولا تضمن تسللا هنا وهناك.
زيارة الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن في 26 من الشهر الحالي تحمل دلالات هامة، وبخاصة أنها تأتي بعد زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في 23 من نفس الشهر، وقبل زيارة مزمعة لرئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، في 16 من أيار المقبل.
معلوم أن العلاقة الأردنية القطرية ليست في أحسن أحوالها، وتحديدا بما يتعلق بالملف السوري، ومع أنقرة بما يتعلق بحلفها مع قطر ومصر بجانب حكومة غزة وحركة حماس.
يبدو أن الإدارة الأمريكية تنوي التوصل لحل وسط يستبعد فيه الخيار العسكري، في نفس الوقت يدفع بعمان أن تلعب دورا أكثر فاعلية مع استبعاد الوساطة مع النظام السوري، وإلا لما خرج عن صمته أخيرا وخص الأردن بانتقاد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، محذرا من امتداد الحرب المستمرة في سوريا منذ اكثر من سنتين الى الأردن.
عمان والنظام في سوريا يتفقان حول مخاوف ما يسمونه عناصر مسلحة متشددة، وهي وجهة نظر لم تتضح بعد، لذلك كان ضروريا إرسال 200 عسكري أمريكي إلى المنطقة، إذ أثار وصولهم جدلا واسعا في البلاد، رغم التأكيد الرسمي بأنها ضمن التعاون المشترك المعتاد بين القوات المسلحة الأردنية والجيش الأمريكي.
الأردن لم يعد يملك خيار المتفرج مع وجود عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين على أراضيه من جهة، وتطورات متسارعة تشهدها الأراضي السورية من جهة أخرى، ويبدو أن سيناريوهات حرب العراق تلوح في الأفق، لننتظر زيارة الملك علها تحمل إجابات سريعة.