المضحك المبكي في جلسات الثقة!

 

لا تخلو جلسات الثقة من حوادث تبعث على التندر، ومن نهفات تزخر بها مواقع التواصل الاجتماعي، وهي ليست حكراً على النواب، بل تنسحب على الحكومة، والفضل في رصد كل ذلك لعدسات المصورين الجنود المجهولين الذين لا يتركون شاردة ولا واردة إلا ويكونوا لها بالمرصاد.


لم يتوقف الأمر عند بعض النواب الذين تأخذهم الخطابات إلى غفوة قد تطول أو تقصر، ولا بالوزراء الذين يسأمون بعض الكلام الممل، فيطلقون العنان للعب بموبايلاتهم، باعتبار أن لا أحد يراهم، وليس آخر الكلام رسائل الوزراء المجهرية، وهدايا 'الملبس' الذي يوزع من تحت الطاولات.

كل ما يحدث ترصده الكاميرات وتوثقه، وحتى انتقال رئيس الحكومة عبدالله النسور من مقعده لفتت الأنظار وأثارت الأسئلة.

وفي جلسات الثقة أشياء نراها ونلمحها، وصفقات تبدأ وقد تنتهي، وربما تتعثر ونحن لا نعرف بها، وهو ما يحدث الآن في ماراثون الثقة الطويل، والذي تحاول الصالونات السياسية معرفة نهايته!.

منذ 24 عاماً لم تسقط حكومة في اختبار الثقة بالأردن، حتى حكومة الرئيس عبدالسلام المجالي نجحت على الحافة، وحصلت على 41 صوتاً من 80 صوتاً أعضاء البرلمان، بعد أن تدخل المغفور له الملك الحسين لينقذها في اللحظة الأخيرة.

والآن وبعد مرحلة الربيع العربي، وبعد الحديث عن الحكومات البرلمانية، هل تظل معادلة الثقة محكومة بالتدخلات و'الألو' التي تُغير الاتجاهات، أم أننا أمام مرحلة جديدة يُترك فيها رئيس الوزراء وحكومته لمصيرهم مع البرلمان؟!.

القاعدة السابقة كانت تقول بأن النقد القاسي والاتهامات لا تعني إطلاقاً حجب الثقة عن الحكومة، فكم من نواب أشبعونا 'لطماً' وهجاء تحت القبة، وفي النهاية منحوا الثقة دون أن يخجلوا حتى من الكاميرات التي صورتهم!.

في الأيام الماضية راجت سيناريوهات لمصير حكومة الدكتور عبدالله النسور، أولها أن ستسقط ولن تحصل على ثقة البرلمان، ومن يطرحون ذلك، بعضهم ينطلق من مؤشرات المؤامرة عليها، مدللين بما حدث من اعتداءات على مسيرة إربد، والتي قلبت الرأي العام ضده، وأحرجت الكثير من النواب.

ويذهب اتجاه آخر إلى القول بأن إسقاط الحكومة ليس مطلباً برلمانياً فقط، بل يفيد الدولة على تقديم نموذج ديمقراطي ينقذ سمعتها، ويحسن هيبة البرلمان، ويؤكد أن الحكومة وحدها، ولا احد يتدخل لحمايتها، وأن البرلمان مستقل وصاحب ولاية كاملة غير منقوصة الدسم، وأن 'القصر' والمخابرات، لا علاقة لهما باللعبة البرلمانية والسياسية.

وتيار آخر يذهب بعيداً في تحليل المشهد، ويعتبر هذا السيناريو إن حدث فهو توطئة لحل البرلمان، وإعلان حالة طوارئ، خاصة مع تزامن ذلك مع تهديدات الرئيس بشار الأسد، وتزايد الكلام عن تدخل عسكري لإنهاء الوضع المتفجر في سوريا.

أما السيناريو الثاني، فأصحابه يروجون بأن صفقة حكومية برلمانية يجري إنضاجها، تتلخص بأن يقوم الرئيس النسور بالالتزام بإجراء تعديل حكومي مبكر جداً، بالاتفاق مع ائتلاف برلماني يملك الأغلبية في مجلس النواب، ويأخذ فيه بوجهات نظرهم، بما يعتبرونه مشاورات نيابية جدية وليست خداعاً، وليس كما يقال 'ضحك على الذقون'، وأيضاً يقدم النسور تعهدات اقتصادية تتعلق برفع أسعار الكهرباء.

فإن حدث ذلك، والرئيس جاهز لهذا الأمر، وترك حقائب وزارية عهدة بيد وزراء من أجل هذه اللحظة، فإن النسور يتجاوز أزمة الثقة وينجو.

السيناريو الثالث أن نعيد إنتاج نفس الآليات القديمة بمنح الثقة، فتلقي الدولة بثقلها لدعم النسور، بحجة أن الأوضاع السياسية لا تحتمل سقوط الحكومة، فعدا عن الحرائق في سوريا ودول الجوار، فإن الإطاحة برئيس الوزراء سيعطي زخماً للمعارضة التي تتربص الحكومة في الشارع، والنظام لا يريد أن يمنحهم نشوة النصر.

بين السيناريوهات المتعارضة، والتي لا تتقاطع، ولا يحكمها أحياناً منطق سياسي، يدور الحديث عن الاستعصاء السياسي، وترتفع وتيرة الخطابات، وتكثر الإشاعات عن الصفقات والحلول تحت الطاولة، ويتزايد العرافون في قراءة طالع حكومة النسور، بينما يجلس نواب ووزراء تحت القبة يتفرجون على مشهد مضحك مبكي!