هدية "الاخوان" للنسور
متابعة جلسات الثقة في الحكومة الحالية تختلف عن الحكومات السابقة، وهناك اهتمام غير مسبوق في متابعة كلمات النواب، خاصة أن التلفزيون الأردني قدم خدمة جليلة في بثها كاملة. أكثر القراءات تشير إلى أن وضع الحكومة في الحصول على ثقة البرلمان ليس سهلا، لا بل هناك مراهنات تجزم أن الحكومة "ساقطة برلمانيا"، ولن تحصل على ثقة مجلس النواب. لكن، ما هو شبه يقين، أن الحكومة سوف تحصل على ثقة متواضعة، ولن تلامس ما حصدته حكومة الـ111، التي غادرت الحياة السياسية بعد أربعين يوما بسقوط شعبي مدو، ولم تنفعها النتيجة المتفوقة. مشكلة الحكومة مع البرلمان، أو للدقة مع الأكثرية فيه، شخصية، واحتجاج على تشكيل الوزارة، والقلة فقط التي تناقش البرنامج والسياسات. الجانب الشخصي، يتحمل المسؤولية فيه رئيس الوزراء عبدالله النسور، فقد كان منذ اليوم الاول للتشكيل، متذاكيا، ومنظرا، ومستطردا في الأحاديث، خاصة مع أعضاء البرلمان، متناسيا، أنه "وكما قال أحد دهاقنة المجلس متندرا" يتعامل مع 150 نائبا ضحكوا على الشعب الأردني وحصلوا على حق تمثيله. في الجانب الشخصي أيضا، فإن القوى المحافظة في المجتمع والمجلس، تعادي النسور لأسباب شخصية وبعداوات عمرها عشرات السنين، وبعضها من مخلفات الانتخابات النيابية الأخيرة. كما تعامل النسور مع أعضاء البرلمان في الحصول على الثقة بطريقة غير التي تعودوا عليها، فهو لا يطلب الثقة منهم كصاحب حاجة "كما يقول نائب" وإنما وصل من الثقة في حصوله على الثقة بدرجة مبالغ فيها، لهذا يطلب ويشترط عدم تدخل مساعدين يقفون إلى جانبه، إن كان من قبل الديوان وعلاقاته، أو من قبل المخابرات وأصدقائها في المجلس. الثقة المبالغ فيها عند النسور انتقلت أيضا إلى طاقمه الوزاري، فلا أحد من الوزراء منشغل بالحصول على الثقة، وقد تركوا النسور يتلقى وابل الرصاص وحده، حتى عاد إلى المقاعد الخلفية من البرلمان في جلسات الثقة. هذا في الشخصي، أما في العام، فإن ما تمر به البلاد من أزمات، والملفات المفتوحة في وجهها، والتي تفتح من دون سابق إنذار، لا تسمح في هذه المرحلة من سقوط الحكومة برلمانيا، وخاصة ان رأس الدولة يقوم الآن بزيارة مهمة جدا إلى الولايات المتحدة، التي أشادت قبل شهر بالاصلاحات السياسية في الأردن، وكانت أشادت قبلها بالانتخابات النيابية. بالمناسبة، فإن النسور من المحظوظين، ويستفيد من أخطاء، أو خطايا الآخرين، بحيث تصب في صالحه. هدية مجانية قدمتها جماعة الإخوان المسلمين للنسور لم يكن يحلم بها، وفي هذا الوقت بالذات، فالاستعراض شبه العسكري الذي قام به شباب الجماعة ومن دون موافقة قياداتهم وسط البلد الجمعة، يصب في مصلحة النسور بشكل مباشر، وخاصة للذي يقرأ سياسة جيدا. فمهما كانت الملاحظات على النسور وحكومته، فلا أحد يطمح بالبديل الآخر، ولا يقبل به، بعد أن شاهد الجميع عبر الفضائيات حلقات السحل التي تشهدها شوارع مصر على الطريقة الإخوانية، فهل نبدل سحل السلطة بسحل الإخوان؟. بالنتيجة، فإن استعراض الإخوان الكشافي، أراح النسور كثيرا في موضوع الثقة، على الأقل شعبيا. |
||