العوده للمجلس الوطني الاستشاري


     تتعرض الحياة البرلمانية في الاردن الى منعطفات خطره بسبب الظروف والاوضاع العربية والإقليميه والدولية, مما قد يلزم السلطة التنفيذية تجميد الحياة البرلمانية ودفعها للبحث عن صيغة جديدة لسد الفراغ الدستوري, واتاحة الفرصة للمشاركة الشعبية وتحمل المسؤولية في صناعة القرار, وسبق ان امر جلالة الملك الحسين رحمه الله في شهر نيسان من عام 1978 بتشكيل المجلس الوطني الاستشاري بصيغة تاخذ بالاعتبار معطيات الاوضاع الاستثنائية التي تمر بها المملكة, وليحل احلالا مؤقتا محل مجلس النواب، وقد اكدت الرسالة الملكية السامية الموجهة الى رئيس الوزراء ان انشاء المجلس الوطني الاستشاري ليس بديلا عن اي من المؤسسات الدستورية كما انه ليس بديلا للحياة البرلمانية الانتخابية الكاملة التي سيتم العودة اليها حين تسمح الظروف الواقعية للاردن، ويتشكل المجلس الوطني الاستشاري من اعضاء يتم تعيينهم ولمدة سنتين ومهمة المجلس بإسداء الرأي والمشورة للسلطة التنفيذية، والنظر في التشريعات والقوانين التي تسنُّها الحكومة، ومناقشة السياسة العامة للدولة، في إطار من التعاون مع الحكومة وبروح المصلحة العامة، وطلب من رئيس الوزراء أن يضم المجلس الاستشاري أشخاصا من ذوي الكفاءة والتمثيل الشعبي الصحيح والولاء للوطن والأمة، وأن يكون ممثلاً لكافة الاتجاهات الفكرية والسياسية والاجتماعية والعقائدية في الدوله .
وقد تشكلت في الأردن ثلاثة مجالس إستشاريه في الفتره الواقعة ما بين 1978-1984 ، وكان المجلس الأول تشكل في 20/نيسان/1978 والثاني في 20/نيسان/1980 والثالث في 20/نيسان/1982، وبلغ عدد أعضاء المجلس الأول وكذلك المجلس الثني 60 عضواً ، أما الثالث فكان عدد أعضائه 75 عضواً وتم حله بموجب الإراده الملكيه الساميه بتاريخ7/1/1984، وكان من إفرازات القرار إجراء تعديل على الدستور الأردني يعطي الملك الحق بتأجيل الانتخابات النيابية بشكل مطلق، وتبع إجراء التعديل تعليق الحياة النيابية في الأردن، وتلافيا لحدوث فراغ تشريعي وجَّه الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في أوائل نيسان(إبريل) 1978 م رسالة إلى دولة مُضر بدران رئيس الوزراء دعاه فيها إلى وضع قانون مؤقت يتمُّ بموجبه إنشاء مجلس وطني استشاري يحلُّ بصورة مؤقتة محل مجلس النواب المجمَّد ، وإستناداً الى الفقرة (1) للمادة (94) من الدستور وبناء على ما قرره مجلس الوزراء بتاريخ 16 /4 /1978 صودق - بمقتضى المادة (31) من الدستور - على القانون المؤقت الآتي ونأمر بإصداره ووضعه موضع التنفيذ المؤقت وإضافته إلى قوانين الدولة على أساس عرضه على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده وأصدرت في 15 نيسان (إبريل) 1978 قانون(المجلس الوطني الاستشاري)، بوصفه قانونا مؤقتاً استلزمته الظروف السياسة الراهنة، ولعودة الحياة النيابية صدرت الإرادة الملكية السامية بحل المجلس الوطني الاستشاري في 7/ 1/ 1984م، كما صدرت الإرادة الملكية السامية بدعوة مجلس النواب التاسع المنحل لعقد دورة استثنائية في 9/ 1/1984 .
ولأول مرة في تاريخ الحياة التمثيلية ضمَّ المجلس سيدات ناشطات في المجتمع الأردني، فكان ذلك التمثيل النسائي خطوة تقدمية بارزة، أضف إلى ما تقدم أن المجلس ضمَّ عدداً من منتسبي الأحزاب(الممنوعة رسميا آنذاك) من شيوعيين وبعثيين ومن حركة القوميين العرب، وتلتقي آراء العديد من الذين عايشوا تلك المرحلة من سياسيين وحزبيين وإعلاميين على القول إن المجلس الوطني الاستشاري في دوراته الثلاث استطاع، إلى حد كبير، ملأ الفراغ الذي أحدثه غياب مجلس النواب في تلك المرحلة.
وحسب المادة 7 –من قانون المجلس الوطني الإستشاري " تناط بالمجلس صلاحيات دراسة ومناقشة جميع مشاريع القوانين وإبداء الرأي والمشورة حولها لمجلس الوزراء قبل إقرارها وتحال تلك المشاريع إلى المجلس من قبل رئيس الوزراء، وإبداء الرأي والمشورة لمجلس الوزراء بوضع مشروع أي قانون، أو التوصية بإلغاء أو تعديل أي من القوانين المعمول بها ، ومناقشة وإبداء الرأي والمشورة لمجلس الوزراء حول الشؤون المتعلقة بالسياسة العامة للدولة ويحق لكل عضو في المجلس لاستيضاح من رئيس الوزراء والوزراء المختصين حول أي أمر من تلك الأمور، وإبداء الرأي والمشورة لمجلس الوزراء حول الامور المتعلقة بالخدمات والمرافق العامة ، ويحق لكل عضو في المجلس الاستيضاح من الوزراء المختصين حول اي أمر من تلك الأمور" ولذلك يمكن القول بأن العود للمجلس الوطني الاستشاري أحمد في هذه الظروف الإستثنائيه والتي حكم فيها على مجلس النواب القادم السابع عشر بالموت قبل أن نراه نظراً لتبعثر الأوراق في الدولة وكثرة الحراكات.

بقلم: د. صالح دواس الخوالده