الصحفي التونسي الهادي حامد من قلب الحدث هذا بالتفصيل ماحدث

 

من اجل توضيح الحقائق ارفق لكم نص الرسالة من المناضل الصحفي التونسي المشارك في انتفاضة تونس ......بالوقائع  وهو من الصحفين المناضلين المعروفين بتاريخهم .مننفس مدينة سيدي ابوزيد .

 الهادي حامد الصحفي التونسي  يصف احداث تونس.من قلب الحدث قائلأ. ولا عيب أن نقول هذا عن أنفسنا لأننا لسنا نكذب ولسنا نتفاخر بما يتجاوز استحقاقنا ولا حتى بما يساويه.. مع إخواننا النقابيين والأهالي وطلاب المدارس والمعطلين عن العمل.. وكان هدفنا في الأول.. لأكون صادقا في نقل الحقيقة لقرائنا وشعبنا.. أن نمكن جهة سيدي بوزيد التي اعمل بها والتي شهدت حادثة انتحار المغفور له محمد البوعزيزي حرقا من حقها في التنمية وفي التشغيل.. لكن لحقت بنا مناطق تابعة للمحافظة.. ثم محافظات مجاورة.. ثم أوسع فأوسع وكان اتساع الاحتجاجات يناسبه من جهة قوات امن الجنرال بن علي ارتفاعا في نسق القمع وفي أدواته ونتائجه.. وفي الأثناء صرنا نطالب الشعب بخلعه صراحة في شعاراتنا لكن المتصلين بقناة الجزيرة وقنوات أخرى لم يكن بمقدورهم التعبير عن هذا.. بحكم أن الاحتمالات لاتزال مفتوحة وبحكم أن خلعه مجرد أمنية صيغت في شعار أكثر منه هدف واقعي ممكن.

لما وصلت شرارة الثورة إلى أحياء فقيرة ومهمشة من العاصمة التونسية.. خفّ العبء عنا في سيدي بوزيد وفي الجيهات الداخلية وصارت معنوياتنا أفضل وفي حالة انتشاء وكبر الحلم والشعار معا.. وهنا دخلت الحركة مرحلة يمكن أن نطلق عليها مرحلة ماقبل الحسم. لقد ألقى الجنرال خلال الصراع ثلاثة خطب.. اخطأ في الأول خطئا قاتلا حين وصف المحتجين بقلة ملثمة ومأجورة ومتطرفة وبان الدولة ستتصدى لها بحزم.. واخطأ في الثاني خطئا لم يكن بإمكانه تفاديه بحكم طبيعته الاستبدادية حين لم يقدم شيئا من الناحية السياسية.. أما الخطاب الأخير فقد كان أوانه قد فات.. رغم انه اعترف بأنه فهمنا.. هكذا بعد خمسون عاما من عمله في أجهزة الدولة المختلفة.. وبعد ثلاثة وعشرون عاما على رأسها!!!!!.

اثر الخطاب الأخير.. انطلقت سيارات مستأجرة وحاملة للوحة زرقاء تجوب الشوارع معلنة الفرحة ورافعة صوره في مسرحية سخيفة وبشكل تبدو وكأن الفرحة عفوية فيما اعد لها في الحقيقة إعدادا خاصا ومن أجهزته الأمنية والحزبية.. واتصل وزيره للاتصال سمير العبيدي الذي كان في فترة الثمانينات والتسعينات مناضلا يساريا مرموقا وقياديا في الحركة الطلابية بقناة الجزيرة وقال : لقد أنقذ بن علي تونس سنة 1987 وها إن بن علي ينقذها اليوم أيضا.. وكانت هذه الإطلالة الدعاية الرخيصة خطئا فادحا وقاتلا أيضا.. باعتبار أن النظام مستمر في لغته الخشبية وفي تضليله الإعلامي وسلوكه الاستبدادي.

أصابت الأحرار والشرفاء في تونس كلها حالة من الإرباك والخشية من نجاح الاختراق لأنهم لم يكتشفوا بعد مؤامرة الاحتفالات المصطنعة والمخطط لها.. وتعاهدنا أثناء الليل بان يكون الغد.. اي يوم الجمعة 14/01/2011 يوما فاصلا.. إما أن ينصب لنا بن علي المشانق وتبتلعنا زنزاناته وإما نخلص شعبنا منه!.

ويوم الجمعة استحوذنا على الشارع منذ الصباح حتى لاتسبقنا إليه مليشياته المأجورة وتحول المشهد إلى مشهد احتفالي.. وانطلقنا في مسيرة ضخمة نجوب بها الشوارع مرددين : خبز وماء.. وبن علي لا//تونس تونس حرة حرة.. وبن علي على برا (out).. حتى وصلتنا أخبار مظاهرات في المحافظات الأخرى وخبر مظاهرة تحاصر وزارة الداخلية بالعاصمة.. هنا أدركنا أن حركتنا ثورة.. وان بن علي لم ينجح في تنويم الشعب بخطابه البارحة وانه انتهى.. من فرط الإرهاق تركنا المظاهرة للشباب والكثير من المواطنين وصرنا نتبعهم من الخلف. . أما عن المعركة الحاسمة فقد خاضتها العاصمة وفي شارع الحبيب بورقيبة حول وزارة الداخلية وكان ذاك القرار وذاك العزم تاريخي وملحمي وأسطوري لانملك إلا الركوع إجلالا لأهلنا الذين أنجزوه وتحملوا مخاطراته الاستثنائية.

  ثورتنا.. فجرها وخاض فصولها شباب لم يفاجئكم انتم والعالم فقط.. بل فاجأنا نحن أيضا.. كنا نعتقد انه جيل مدحن.. جيل بنات وكرة وشطيح ورديح.. لكن صدقوني.. مارايته وعشته يقلب كل المفاهيم ويطيح بكل النظريات في البيداغوجيا وفي البسيكولوجيا وفي ماتشاء.. شباب صغار منهم اقل من العاشرة يصارعون وحوش الجنرال بصدور عارية.. ولا تسال عن زغاريد النساء ومدد الشيوخ.. فالشعب كله قرر قرارا واحدا وحاسما.. خصوصا يوم 14/01/2011 أن بن علي يجب أن يرحل

 وواجبي اضافة للصحافة في سيطرة تحرس الحي يقوم بها شباب مدارس مسلحين بالعصي.. حماية للأهل وللناس.. حماية لشعبهم.. وان كل شك في سيارة أو قافلة يتصلون بالجيش التونسي.. فنحن نقاوم مليشيات مسلحة متروكة لتخريب البلد وتابعة لأجهزة الجنرال وفق مايعرف بسياسة الأرض المحروقة.. وثمة مؤشرات توفرت في العاصمة تشير إلى إمكانية وجود شركات أمنية أجنبية أو أجهزة مخابراتية أجنبية معادية كانت مرتبطة بعائلة الجنرال تنشط من اجل الزج بالبلد في المجهول.. أما عن شعبنا الحر الشريف.. فثقوا كامل الثقة واطمئنوا.. أننا لن نتحارب.. ولن يقتل بعضنا بعضا.. وان هذا الوضع الذي يواصل فيه الجنرال الانتقام من الشعب الذي أطاح بإمبراطوريته سينتهي وفي اقرب الآجال.

  أعطي صورة اولية وسريعة عن ثورتنا  .. وهي أفكار تصف ماحدث .  واوجه التحية في نهاية رسالتي الي   كل شرفاء وأحرار  الوطن الغربي..   وعلي رأسهم القائد المناضل.. الشيخ الصابر المقاوم عزة إبراهيم الدوري.. فقد كانت الأمة في قلوبنا أثناء كل صرخة وكل خطوة وكل بارقة أمل..