جريدة المجد كما عرفتها


 
في الحادي عشر من نيسان الجاري أكملت جريدة المجد الناصرية الغراء عيدها التاسع عشر ودخلت عامها العشرون في خطى ثابتة واثقة نحو المستقبل لهذا الوطن وهذه الأمة ولم تكن 19عاماً الماضية من عمر المجد طريقاً سهلاً أو مفروشاً بالورود ولكنها كانت تسير منذ ميلادها المبارك وسط حقول من الألغام وكان صوتها وكأنه يأتي من خارج العصر الذي ولدت به ، فقد جاءت وسط ساحة عربية وأردنية مليئة بالصحف المختلفة التي للأسف في معظمها تعزف خلف مايسترو واحد وتردد نفس اللحن النشاز .
وجاءت المجد برسالتها القومية العروبية المستمدة من فكر الزعيم الخالد جمال عبد الناصر أحد أهم قادة التحرر القومي ومقاومة الاستعمار ومن أكبر الداعين للوحدة العربية تلك الوحدة التي طال انتظارها لأمة وحدتها كل عوامل الطبيعة الجغرافيا والتاريخ والثقافه والأديان السماوية والتي جميعها خرجت من بلادنا العربية ولا سيما الإسلام العظيم آخر الرسالات السماوية لأهل الأرض ولكن هذه الأمة فرقتها السياسة الاستعمارية وصناع تلك السياسة بالمنطقة الذين وجد بعضهم لحماية المشروع الاستعماري الصهيوني في المنطقة المسمى بإسرائيل وبالتالي حراساً على براميل سايكس بيكو التي قسّمت الأمة ومزّقت صفوفها وزيادة في المأساة تم فرض صفقات استسلامية أسموها سلاماً بدأت بجريمة كامب ديفيد التي أبرمها المرتد يهودا الاسقريوطي (أنور السادات) وصولاً لأوسلو ووادي عربة على نفس النهج الخياني وباقي دويلات الخليج الذين لا يعرفون عن الصراع العربي الصهيوني إلا بالاسم ولا يعرفون من العروبة إلا لغتها ، فقد دعموا خيانة السادات من خلف الكواليس وتدمير العراق واحتلاله بالمال العربي الخليجي حتى بدأ وكأن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقوده الكيان الصهيوني أصبح موضع التنفيذ بعد اعتراف مجموعة أوسلو تحديداً بالكيان الصهيوني وتلاهم الأردن الرسمي الذي كان من أنصار تسوية مع الكيان الصهيوني بأي ثمن وسط هذا الانحراف والتساقط للأنظمة وحالة اليأس في الأمة ولدت الفكرة العبقرية في رأس فارس من فرسان العروبة ومناضلا مشهودا له وهو الأستاذ فهد الريماوي بإنشاء منبراً قومياً ناصرياً حراً يكون ردّا على ما وصلت إليه الأمة وصرخة احتجاج على هذا الواقع البائس .
وهكذا ولدت جريدة المجد التي كاد صوتها أن يكون وحيداً في تلك الفترة وكافحت وناضلت بالأقلام الحرة التي وجدت في المجد صوت الضمير القومي المعبّر عن الأمة كيف لا ورسالتها مستمدة من قبس وفكر الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر الذي بقي جندياً عروبياً مخلصاً يوحد الأمة ويجمع صفوفها حتى آخر لحظة في حياته .
وكان طبيعياً أن تستهدف المجد وتحارب وتقاسي وأن تكون المحاكم ودور القضاء مكاناً متعارفاً لتواجد ربّانها الأستاذ أبا المظفر حتى شاءت له الظروف أن يحتفل ذات يوم بعيد ميلاده في الستين في منتجع سواقة للديمقراطية الأردنية ولم تؤثر كل تلك المحن التي مرّت بها المجد والعراقيل التي وضعت أمامها بل زادتها قوة وحضوراً وأثبتت صحة مقولة الزعيم المصري المرحوم سعد زغلول (( الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة)) وإن هذه الصحيفة الغراء جديرة حقاً بالانتساب لفكر الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر ، وكسبت المجد جميع معاركها وخسر وخاب كل من حاول من الحكومات العرفية والظلاميين إطفاء هذه الشمعة التي وجدت لتبقى تنير الطريق أمام الأجيال مراهنة على ثوابت الأمة ووعي أبنائها ومن راهن على أمته وشعبه لم يخسر وهكذا هي المجد واستمرت وزادت حضوراً وتألقاً في الوقت الذي انزوى من راهنوا على خنقها وذهبوا لمزابل التاريخ المليئة بأمثالهم تلفهم أكفان النسيان وأثبتت المجد ذاتها وأصبحت المثل والقدوة للآخرين والمعادلة الصعبة في الإعلام العربي والإثبات بأحرف من نور بأن ليس للمال وحده يكون الإعلام الحر ولعل تجربة قناة الجزيرة والعبرية أو العربية كما يسمونها مثالاً صارخاً على ذلك، وكم خسرت قناة الجزيرة تحديداً بعد اكتشاف حقيقتها وأنها مجرد غرفة سوداء لوكالات المخابرات الأمريكية وخنجراً مسموماً في ظهر الأمة .
ومجيء المجد كان رداً على حالة السقوط العربي الرسمي والتلاعب بالوعي الشعبي وبالتالي التأسيس للإعلام المقاوم خاصة على الساحة الأردنية وقد بدأت المجد العزيزة بإمكانيات متواضعة ولكنها مسلحة بالثالوث المقدس ( المقاومة ، الصمود ، التحدي) إضافة للثقة بالنفس انطلاقاً من ثوابت الأمة ، وهكذا ولدت المجد بثوبها الناصري الجميل وخاضت المعارك ضد الفساد والاستبداد من أجل حياة ديمقراطية سليمة على الساحة الأردنية ولم تزدها المحن التي مرت بها إلا مزيدا من الصمود حتى أصبحت عربياً منبر المقاومة الأول وكانت المقصد الإعلامي للمقاومة العراقية والفلسطينية الذين لم يجدوا غير منبر المجد لمخاطبة أمتهم وشعبهم والعالم .
وفي هذه المناسبة نسجل فخرنا واعتزازنا بهذا المنبر العربي الحر الذي أثبت أنه صوت الأمة وضمير الشعب المتكلم ونتقدم من فارسته وربانه أبا المظفر وأسرة التحرير وكتابها وقرأها بأسمى آيات المحبة والتقدير بهذه المناسبة العزيزة ، ونتساءل مع أبناء شعبنا أين أصبحت الحكومات التي حاولت إطفاء هذه الشعلة ، فبعضهم انزوى في كهوف النسيان والبعض مطاردين أو مطلوبين بأي لحظة في قضايا فساد ومحسوبية ولعل أهم ما يجب أن يحاكموا عليه تصحر السياسة الأردنية وهذه مسؤولية كل الحكومات المتعاقبة وبقيت المجد نهراً من العطاء المستمر لم تتغير ولن تتبدل وبقي النهر لمجراه أمينا .. وكل عام وأنتم بخير

عبد الهادي الراجح