كائنات جميلة

 

تصحو في الصباح ومنا من يصحو في المساء ومنا من لا يصحو أبدا، فتقع عيناه على كائن جميل يمنحه الصفاء والراحة النفسية، ويكون بمثابة النسمة التي تتسلل الى الروح فتغسلها من التعب.

هكذا أفعل أنا منذ ولدتني المرحومة أُمّي «جميلة». أترك الأمور لله وأتأمّل خلقه ويكافئني عز وجل بوجهٍ حَسَن. ومن بعيد ينساب الى نفسي لحن شجيّ، فأغدو سعيدا «مُنْشكحا» ولو للحظات واحيانا لساعات واحيانا لأيام.

عادة أكتفي بهذه «النعمة»، ولا أسعى نحوها الا بمقدار»طلّة الصباح» والالتفاتة «العابرة» التي تتكرر، ولا أنشغل كثيرا بـ»مطامع وطموحات ومآرب» أُخرى، قد تُفسد عليّ إحساسي الجميل.

تعودتُ على التمتع بمشاهدة «كائنات» وهي تتحرك وتدير شؤونها او سياراتها بهدوء واحيانا بمساعدة رجل ، غالبا ما يكون زوجا حنونا، او مضطرا للمساعدة ،تفضحه عيون ذابلة مُثْقلة بالنعاس.

وفي الشارع أيضا، ألمح كائنات، من الممكن ان تكون طفلة او طفلا او سيدة او فتاة أو حتى رجلا أنيقا، يضع في سيارته لحنا او أُغنية رقيقة.

ليس بالضرورة ان أعرفهم أو اتواصل معهم. فقط مجرد مشاعر تنتابني أثناء مشاهدتهم،فأُحسّ أن السماء منحتني»هدية» مجانية في مستهل او منتصف او نهاية نهاري.

عندها ومن يومها وانا أتعلّم أن المتعة ليست دائما بـ «امتلاك الناس والاشياء». بالعكس، قد تُفسد» الرغبة في التملّك والاستحواذ» المشهد كله. فنحن لا نستطيع ان نمتلك كل ما نرتاح له أو لهم. وبخاصة النساء.

ربما كان ذلك «الإحساس»، أول درس تعلمته في احترام الذات والترفع عن الصغائر.

ما زلتُ أتأملها، « الكائنات الجميلة»، ولا أملُّ التحديق في صورتها وملامحها « الورديّة» وحركتها الأنيقة والهادئة وملابسها البسيطة والمعبرة عن روح شفّافة، تسمو بالناظر إليها، وتمنحه بهجة مجانية، لكنها رائعة، وحين أسير، أشعر ان ثمّة « أُكسجينا» إضافيا وصلني منها، فتتفاعل مع سويداء قلبي؛ إذ يدفعني الى المزيد من التحديق في هذه الكائنات.. المدهشة والجميلة!.