الثقة ومجلس الأعيان
نائب قديم وخبير وهو قطب حالي في المجلس، قال لي إن إعطاء الثقة لحكومة النسور ليست مضمونة، وإنها تمر بمخاض عسير، ومفتوحة على احتمالات شتى.
هذا النائب عاد واستدرك ليقول إن الثقة مرهونة بموقف كتلة الوسط الاسلامي التي باتت في ظل انقسام النواب تجاه حكومة النسور، كبيضة القبان، والحاسم الموضوعي لمسألة مرور الحكومة.
ويؤكد هذا القطب أن الوسط يشترطون لإعطاء الثقة حصة في تشكيلة مجلس الاعيان القادم، وحتى نكون أكثر تحديداً، طالبوا بمقعدين وحددوا اسمين مخصوصين.
هذا السلوك غير مستبعد على ثقافتنا السياسية الاردنية، فلعبة شراء الولاءات وتبادل المنافع اصبحت جزءاً من صميم أدائنا السياسي، وخبرتنا في هذا المجال تتعاظم يوما بعد يوم دون ان نرى من يوقفها.
طبعاً البعض يرى أن هذا الموقف بشكله التفاوضي يبدو سياسياً بامتياز؛ بمعنى: ما المانع من تقديم مصلحة في السياسة، مقابل الحصول على اخرى في موقع آخر؟ ويطرح هؤلاء مقولة أليس في الديمقراطيات العريقة ما يشبه ذلك.
المشكلة أن الامور تجري تحت الطاولة، وأن المزاعم من كل الاطراف المتفاوضة تشي بنفي الصفقات، وأنهم يتشدقون بأن الدائرة فقط تدور حول البرامج والقناعات بها.
ما نزال ندور في صندوق الاداء التقليدي، وأي كلام استهلاكي عن تغير هو محض افتراء وتجن على الحقيقة؛ فالشخصنة ما تزال سائدة، والنواب في تيه يبحثون عن السياسة.
الثقة اليوم هي واحدة من اهم غايات الحكومة، ولذلك تراها تستنهض كل الامكانات والموارد من اجل العبور نحو البقاء في «الدوار الرابع».
قد يقول البعض هذا حق لها، ونرد عليهم نعم هو حق لها في ظل تشوهات المشهد، لكننا نطالب بالشفافية في إعلان الجوائز، وفي اتجاهات تبادل المنافع، فمن العيب أن لا ندري وتلك مصيبة.
نعم مجلس الاعيان كان -وما يزال- واحدا من اهم عناصر القوة للسلطة التنفيذية؛ فمن خلاله تستطيع ان تنتج الجزرة، ومن خلاله في قادم الايام تستطيع كبح شطط تشريعات النواب؛ فهو الثلث المعطل، وهو أحد ملاجئ الثقة.
بالمناسبة، ونحن نسمع هذا الجدل نتذكر مطالبة الحراك والكثيرين معه بضرورة وضع مجلس الاعيان على قائمة التغيير: إما بالانتخاب، او بالإلغاء؛ فلا يعقل أن يصبح الموقع التشريعي جائزة؛ فهذا مناقض «الشعب مصدر السلطات».