دول مزارع وعبيد

دول
مزارع... و...عبيد
هي دول بالمفهوم السياسي لها حدود جغرافيّة على الارض قد تكون مستقرّة او قابلة للنزاع ولها مقاعد في الهيئات والمنظمّات الدوليّة وسفارات بين بعضها البعض وفي مختلف العالم ولها رايات خفّاقة فوق المباني المرتفعة واناشيد وطنيّة وعملات نقديّة يُتعامل بها عالميّا وسجّاد احمر يُفرش تحت اقدام اصحابها وكبار اهلها وهذا هو الوجه الرخاميُّ لتلك الدول .
أمّا الداخل السُخاميُّ لها فتلك مزارع حديثة يتمتّع عبيدها بحب عميدها والنفاق له وبقليل من الرفاهية وكثير من القيود والعديد من الإستثنائات والتنوّع في اصناف التعذيب والتجسّس والإنتهاك وتلك مزارع تُدار من إقطاعيّين سواء كانوا عقائديُين سياسيّن أو إشتراكيين أو غيرهم أو ليبراليّين ومهنيّين أو غيرهم مدنيّين اوعسكريّين ممّن تفرزهم الوراثة او المؤامرة او قوّة السلاح او خيانة الضمير او بريق المال فكلّها عوامل جذب او طرد سواء بسواء .
واقول انّها مزارع حديثة لأنّ مفاهيمها تطوّرت مع تقدّم التكنولوجيا واستخدام الانترنت والكمبيوتر والإنفتاح على المزارع الاخرى ودول العالم المختلفة إضافة لقنوات التواصل بين مختلف العبيد والعباد على حدِّ سواء وكذلك اختلفت صفات العبيد ومناظرهم فالعبيد قبل ابراهام لنكولن ليسوا كالعبيد بعده والعبيد في بدايات حياة نلسون مانديلاّ ليسوكعبيد جنوب إفريقيا بعد ان تحرّر واصبح رئيسا وكذلك العبيد في اوروبّا ايام هتلر ليسوا كالعبيد بعد موته والعبيد قبل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ليسوا هم كالعبيد بعد ذلك اي انّ العبيد ليسوا بلون واحد او سحنة واحدة او شكل متشابه وانما المقصود بهم هم فئة من الناس تعيش بإ مرة جلاّدين ينهبون ثرواتهم وحقوقهم باسم الدين والعقيدة والوطنيّة والاغلبيّة ومصلحة المواطن وحماية مكاسبه والمحافظة على الارض والثروات وغيرها من الكلمات البرّاقة التي تدغدغ العواطف الصادقة وتلامس القلوب الطيّبة منها وتدقّ باب الضمائر الحيّة .
وهكذا تقسّم الكون العربي الى طبقتين هما طبقة الإقطاعيّين وطبقة العبيد وعندما انتفض العبيد في الربيع قبل عامين او قبل ذلك بقليل تأهبّت الدول الإستعماريّة واعلنت وقوفها مع العبيد ولكن ليس ذلك بسبب ان دولة عظمى يرأسها شخصا من الأقليّات في بلده وليس لأنّه انحدر من طبقة تمتُّ لعبيد افريقيا وإنّما لأنّ مصالح تلك الدول تستدعي الوقوف مع عبيد العرب في وجه إقطاعيّين انتهت فترة صلاحيّتهم فطردت بعض اؤلئك الإقطاعيّين وما زالت تعطي فنرات اختبار لآخرين وفي نفس الوقت أغرقت العبيد اللذين اصبحوا زعماء جدد بالفقر لكي يركعوا ثانية للغرب ويبدأ المسلسل من جديد تحت اسماء الجديد والكبير وغيرها كما تبتغيه الدولة العبريّة .
والمسرحيّات التي نراها في العديد من الدول العربيّة سواء في خطابات المسؤولين او البرلمانيّين الممثّلين للعبيد او ممثّلي الاحزاب على اختلاف افكارها كلُّ ذلك لذرْ الرماد بالعيون سواء كان صادرا عن قناعة او نفاقا للإقطاعيّين الجدد فإنّ ذلك يخدم الغرب واسرائيل التي تستطيع الوصول الى جيوب الإقطاعيّين وقلوبهم قبل العبيد من شعوبهم .
وحيث ان الإسلام حرر العبيد قبل خمسة عشر قرنا والامريكان حرّروهم قبل قرنين والافارقة حرّروهم قبل اقل من قرن بينما العرب بدئوا عبوديّتهم حديثا بينما نردّد نحن العرب والمسلمون صباح مساء مقولة سيّدنا عمر رضي الله عنه ( كيف اسعبدتم الناس وقد ولدتهم امّهاتهم احرارا ) .
فقد آن الأوان لنزع اغلال العبوديّة والرق الحديث ونقتنع اننا يجب ان نكون شركاء في صنع القرارات التي تمسّ حياتنا واوطاننا وابنائنا ولننفض غبار الاستعمار والجهل ونعمل على تنمية حياتنا واوطاننا واستغلال ثرواتنا قبل ان تنفذ ونقعد ملومين خاسرين .
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة وابعد عنه الإقطاعيّين .
احمد محمود سعيد
15 / 4 / 2013