التوطين في المفرق

قبل قليل من السنوات اجتاحت موجة عارمة أراضي المفرق للمتاجرة بها ومعها مجمل الصحراء الشرقية باسعار زهيدة لأراض مفروزة بكواشين، ثم هدأت الامور، والذين اشتروا اعتبروا انفسهم قد تورطوا لعدم بيعها مجددا لقلة الطلب عليها. قيل انذاك ان المنطقة يراد تأهيلها لتوطين الفلسطينيين من لبنان وسوريا، وتصاعدت قوة الاشاعات وصولا لوجود وكلاء عن يهود استملكوا أراضي بالصحراء بغية مقايضتها بارض فلسطين والى درجة أن حق العودة سيكون الى المفرق.
الآن يتكشف أن التوطين يجري عمليا بمعدل قدوم ألف لاجئ يوميا الى المخيمات التي اعدت لاستقبالهم، ولا بد وان يكون بينهم من لاجئي سوريا الفلسطينيين. وجلي الامر أن هذه المخيمات ستتحول الى اماكن دائمة، وقد لا يمر من الوقت الكثير لنرى كيف ان الخيم والكرفانات ستنقلب الى بيوت اسمنتية وكيف ان الازقة الرملية سرعان ما ستعبد بالاسلفت.
الذين ظنوا أنهم تورطوا بشراء أراض في المفرق يعتقدون بعودة القيمة لها الان، والحال يشي بموعد ما لإطلاق سلسلة مشاريع اساسها بنى تحتية ومساكن ومرافق متنوعة، وبحسبة اقتصادية بسيطة فإن في طيات التفكير تحريكا قويا للاقتصاد الوطني كثمن مقابل التسهيلات، وفي لحظة ما، فإنه اذا ما جرت عمليات إزاحة للحدود فإن كل اللاجئين سيصبحون أردنيين بموجب الامر الواقع.
المتغيرات الجارية تخدم بشكل مباشر مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي تسعى اليه واشنطن برغبة يهودية صهيونية غير خافية، ولم يعد سرا أن الهدف النهائي هو الوصول الى مجاميع سكانية مختلطة ترتبط باحتياجاتها مع دول قوية اقليميا، في مقدمتها الكيان الاسرائيلي، وعلى اساس تبعية سياسية ستبدو أنها وطنية لتلك المجاميع. وان في النوايا تقسيم لسوريا والعراق على أسس طائفية وعرقية، وتوسعة دول صغيرة بالارض والسكان فإن التوطين سيستقر ليس على اللاجئين الفلسطينيين فقط وانما على عراقيين وسوريين عبر مناقلات لجوء جارية فعلا ما بين دول الاقليم.
ليس من قبيل المصادفة ان تكون حصة الاردن من اللاجئين السوريين، وقبلهم من العراقيين، وقبلهما من العائدين، وقبلهم النازحين من الضفة الغربية، وقبل هؤلاء جميعا من اللاجئين عام 1948 هي الاكبر على الاطلاق، ومع ذلك هناك من يصدق نفسه بالموالاة وكذبة أردني ومش أردني.