دعّوا الحراك السّلمي وشأنه !

دعّوا الحراك السّلمي وشأنه !

لا تعتقدون أن الحلول الأمنية ستكون علاجاً سحرياً لتهدئة الشارع الثائر، ضد السياسات الحكومية، لا بل تقدمون لهم خدمات جليلة، وربما ستنظم قوافل ما تبقى من الأغلبية الصامتة تباعاً، لأنهم يدركون أن الدماء التي تساقطت في عروس الشمال ﺇربد هي لمواطنين أردنيين يشاركونهم الهمّ، والمعاناة، والسواد الأعظم منهم من الطبقات الكادحة، والجزء الآخر ينتمي لأحزاب سياسية، ما تزال تراهن لغاية هذه اللحظة على تباطؤ عجلة الإصلاح، وسقوط الحكومة أمام الأزمات الاقتصادية القادمة.

فالحلول الأمنية لن تكون علاجاً ناجعاً في إيقاف الأصوات التي تتعالى بين الحين، والآخر، بل هي حالة صحية، على أن مؤشر العملية الإصلاحية لا يرتقي لتطلعات الشعب المتيّم بالآمال، والطموحات بمستقبل واعد، بعدما رسم جلالة الملك خارطة طريق تقود البلاد لدولة ديموقراطية عصرية من خلال الأوراق النقاشية التي طرحت مؤخراً.

قادرة الدولة على احتواء كل الحراكات الشعبية بدون الاستغناء عن الأمن الناعم، الذي قدّم لبلدان العالم درساً في الحضارة والرقيّ، في الوقت التي تعاني منه الشعوب المجاورة من الانتهاكات في حقوق الإنسان واستخدام شتّى صنوف العذاب ضد مواطنيها، لم يجلب لها إلا الفوضى والدّمار وبالتأكيد نتيجة حتمية للممارسات القمعية.

المشكلة ما زالت تقع على عاتق الحكومة التي أقسمت اليمين، أنها ستعيد البلاد إلى مواقع متقدمة من خلال تحطيم ماكينات الفساد، التي تعمل بكل طاقتها لغاية هذه اللحظة، ومؤسسات وطنية مازالت تخضع لحكم الشخص الأوحد، ووحدات مستقلة لم تجلب لنا إلا الدّيون المتراكمة، والتي زرعت فينا نحن الكادحون مزيداً من النقمة على الحكومات ومشاريعها الغير ناجعة، والتي مازال المواطن يدفع ثمنها من خلال الضرائب الطائلة على كاهله.

لم تقدّم الحكومات لغاية هذه اللحظة برنامجاً وطنياً جامعاً يشتركوا فيه كافة أبناء الوطن بدون استثناء، سوى إطلالات إعلامية خجولة، سرعان ما يبطل مفعولها، لأنها وليدة لحظة معينة هدفها تخديري لفترة معينة.

إذن اتركوا الحراك وشأنه مادامت مؤسسات القرار عاجزة لغاية هذه اللحظة، لإحداث نقلة نوعية تعيد الثقة لمؤسسات الدولة والمواطن، ومن ثم طالبوهم بمغادرة الشارع، لنبدأ مرحلة جديدة شعارها البناء.