الأردنيون متشائمون؟

أظهر اﺳﺘﻄﻼع ﻟﻠﺮأي أﺟﺮاه اﻟﻤﻌﮫﺪ اﻟﺠﻤهري اﻟﺪوﻟﻲ، أن
59 % ﻣﻦ اﻷردﻧﯿﯿﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﺑﻠﺪھﻢ ﻳﺴﯿﺮ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺨﺎطﺊ. وذﻛﺮ اﻟﻤﻌهد أن ھﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ھﻲ "اﻷﻛﺜﺮ
ﺗﺸﺎؤﻣﺎ" ﻣﻨﺬ أن ﺑﺪأ اﻟﻤﻌهد ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ ﻣﺴﻮﺣﺎﺗﻪ أردﻧﯿﺎ ﻗﺒﻞ 8 ﺳﻨﻮات.
ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ أﺻﺤﺎب اﻟﻘﺮار ﺗﺠﺎھﻞ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﺳﺘﻄﻼع واﻟﺘهوﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﯿﻤﺘﮫﺎ؛ ﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻟﻤﻄﺎف ھﻮ ﻣﺠﺮد اﺳﺘﻄﻼع،
ﺗﺤﺪد ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎغ ﺑﮫﺎ اﻷﺳﺌﻠﺔ، وأﺳﻠﻮب أﺧﺬ اﻟﻌﯿﻨﺔ، وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ.
وﻟﻨﻔﺘﺮض ﺟﺪﻻ أﻧﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺄ، ﻛﻤﺎ ﻳُﻈهر اﻻﺳﺘﻄﻼع. ﻟﻜﻦ، ﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺠﺰم أﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ؟
ﺑﻔﻌﻞ ﻋﻮاﻣﻞ ﻣﺤﻠﯿﺔ وإﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ﻋﺪﻳﺪة، ﺗﺮاﺟﻌﺖ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻷردﻧﯿﯿﻦ؛ أﺻﺒﺤﻮا أﻛﺜﺮ ﺣﺮﺻﺎ ﻋﻠﻰ
اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻷﻣﻦ، وأﻗﻞ ﺗﻄﻠﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺄن اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ. ﻟﻜﻨهم، ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ، ﻻ ﻳﺠﺪون ﻣﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪھﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺮ
ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺸﻜﻞ إﻳﺠﺎﺑﻲ.
اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺗﺤﺪﻳﺪا ھﻮ ﻣﺎ ﻳﺆرق اﻷﻏﻠﺒﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ. ﻻ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ دراﺳﺎت أو اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت رأي ﻟﻨﺼﻞ
ﻟﮫﺬه اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ؛ أﻳﻨﻤﺎ ﺗﺸﯿﺢ ﺑﻮﺟﮫﻚ ﺗﺴﻤﻊ ﺷﻜﻮى ﻣﺮﻳﺮة ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر، وﺗﺂﻛﻞ اﻟﻤﺪاﺧﯿﻞ، واﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﻮﻓﺎء
ﺑﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ. واﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺔ ﺑﻌﯿﻨﮫﺎ؛ ﻣﻮاطﻨﻮن ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻄﺒﻘﺎت واﻟﻘﻄﺎﻋﺎت ﻳﺸﻌﺮون
ﺑﺜﻘﻞ اﻟﻤﻌﯿﺸﺔ، ﺗﺤﺎﺻﺮھﻢ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺠﮫﺎت.
ﺛﻤﺔ ﺷﻌﻮر ﻣﺮﻳﺮ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻮﻋﻮد، ﻻ ﻳﺠﺪ اﻟﻤﻮاطﻦ ﻣﻦ ﺳﺒﺐ ﻟﻪ ﺳﻮى اﻟﻔﺴﺎد، واﻻﻣﺘﯿﺎزات ﻟﻠﺨﺎﺻﺔ
ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس. وﻟﮫﺬا، ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻛﻞ إﻧﺠﺎز ﺑﺎﻟﺘﺸﻜﯿﻚ، وﻳﺠﺘﮫﺪ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺘﯿﺶ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ
ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أي ﻣﺸﺮوع ﺟﺪﻳﺪ.
ﻛﯿﻒ ﻟﻤﻮاطﻦ أن ﻳﺘﻄﻠﻊ ﺑﺈﻳﺠﺎﺑﯿﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، وھﻮ ﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻏﯿﺮ ﻗﺮارات ﺟﺪﻳﺪة ﻹﻟﻐﺎء اﻟﺪﻋﻢ؛ اﻟﻜﮫﺮﺑﺎء، واﻟﻤﯿﺎه،
وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ؟!
اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻳﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﯿﻦ اﻟﻤﺰاج اﻟﻌﺎم. وﻋﺪم اﺗﺨﺎذ ﺧﻄﻮات ﺟﺪﻳﺔ
ﻟﺘﺤﺴﯿﻦ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ، ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﺴﻮب اﻹﺣﺒﺎط اﻟﻌﺎم.
ﻟﺬﻟﻚ، ﻳﻤﯿﻞ اﻟﻤﻮاطﻦ اﻟﻌﺎدي إﻟﻰ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ، وﻓﻲ أﺣﯿﺎن ﻛﺜﯿﺮة اﻟﻌﺪاﺋﯿﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻮم ﺑﻮاﺟﺒﺎﺗﮫﺎ ﻓﻲ
ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻤﺘﻔﺎﻗﻤﺔ واﻟﻔﻘﺮ وﻏﻼء اﻟﻤﻌﯿﺸﺔ، وﻻ ﺗﻜﺎﻓﺢ اﻟﻔﺴﺎد وﻻ ﺗﺴﺘﻌﯿﺪ أﻣﻮال اﻟﻔﺎﺳﺪﻳﻦ، إﻟﻰ
آﺧﺮه ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﻈﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﮫﻲ ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﺸﻌﻮر وﻛﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﻗﺎع ﺑﺌﺮ ﻋﻤﯿﻘﺔ ﻟﻦ ﻳﺨﺮج ﻣﻨﮫﺎ.
اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻌﺪاﺋﯿﺔ اﻣﺘﺪ ﻟﯿﺸﻤﻞ اﻟﻨﻈﺮة إﻟﻰ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﺟﻨﺒﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺮض أن ﻳﻜﻮن ﻣﺮﺣﺒﺎ ﺑﻪ. ﻛﻞ ﻣﺸﺮوع 
ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻋﻨﻮان ﻟﻠﻔﺴﺎد ﻣﻦ وﺟﮫﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮﻳﻦ. وﻛﻞ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮ أﺟﻨﺒﻲ ھﻮ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻐﺘﺼﺐ
ﻟﻠﻤﻮارد واﻟﺜﺮوات اﻷردﻧﯿﺔ. ھﻞ ﺗﺎﺑﻌﺘﻢ اﻟﻀﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﺎﺣﺒﺖ ﺗﺸﻐﯿﻞ اﻟﻤﻄﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺸﻐﻞ ﻓﺮﻧﺴﻲ؟
رﻣﻰ اﻟﻜﺜﯿﺮون ﺧﻠﻒ ظﮫﻮرھﻢ اﻟﺸﻜﺎوى اﻟﻤﺮﻳﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺎر اﻟﻘﺪﻳﻢ، وﺻﺎر ﺟﻞ ﺗﺮﻛﯿﺰھﻢ ﻋﻠﻰ "ﻣﺴﺘﻌﻤﺮ ﻳﻤﺘﮫﻦ
ﺳﯿﺎدة اﻟﺪوﻟﺔ"، وﻻ ﻳﻘﯿﻢ وزﻧﺎ ﻟﻠﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﯿﺪ.
ﺧﺬوا ﻣﺜﺎﻻ آﺧﺮ؛ ﻣﺸﺮوع ﻣﺪ أﻧﺒﻮب اﻟﻨﻔﻂ ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق إﻟﻰ اﻷردن اﻟﺬي ﻳﻌﱠﻮل ﻋﻠﯿﻪ ﻟﺤﻞ أﻛﺒﺮ ﻣﺸﺎﻛﻠﻨﺎ، ﻳﻮاﺟﻪ ﻣﻨﺬ
اﻵن، وﻗﺒﻞ أن ﻳﺒﺪأ، ﺑﺤﻤﻠﺔ ﺗﺤﺮﻳﺾ وﺗﺸﻜﯿﻚ، وﻛﺄن اﻟﻌﺮاق ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ھﺬا اﻷﻧﺒﻮب ﺳﺮﻗﺔ ﻧﻔﻄﻨﺎ وﻣﻮاردﻧﺎ "اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ".
ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻪ ﺑﻤﻨﺘﺪى ﺷﻮﻣﺎن اﻹﺛﻨﯿﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ، ﺣﺪد اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻤﺮ اﻟﺮزاز ﺧﻤﺲ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﮫﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ،
ھﻲ: اﻟﺘﻌﻤﯿﻢ، واﻟﺘهوﻳﻞ، واﻹﻗﺼﺎء، واﻟﻐﺮاﺋﺰﻳﺔ، واﻟﺘﮫﺮب ﻣﻦ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ. ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮي أن اﻟﺮزاز أﺻﺎب
اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ. وھﺬه ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ أﻣﺮاض ﻣﺠﺘﻤﻌﯿﺔ. وﻗﺪ طﺮح ﺣﺰﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﯿﻢ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻟﻤﻮاﺟﮫ.
ﻟﻜﻦ، ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻷﻣﺮاض اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﮫﺎ، ودﻓﻌﺖ ﺑﺎﻟﻤﻮاطﻦ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻤﺴﺘﻮى ﻣﻦ ﻓﻘﺪان اﻟﺜﻘﺔ
واﻟﻨﻈﺮة اﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ؟