الحكومات في الأردن: تغيير سريع للحكومات والوزراء
ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت ﻓﻲ اﻷردن ظﺎھﺮة ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺨﻄﻮرة، ﻧﻈﺮاً ﻵﺛﺎرھﺎ اﻟﻤﺪﻣﺮة ﻋﻠﻰ أداء اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت. إذ
ﻟﻢ ﻳﺰد ﻣﻌﺪل ﻋﻤﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺴﯿﻨﯿﺎت ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺷهر، وﻓﻲ اﻟﺴﺘﯿﻨﯿﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮة أﺷهر،
وﻓﻲ اﻟﺴﺒﻌﯿﻨﯿﺎت واﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻨﯿﺎت واﻟﺘﺴﻌﯿﻨﯿﺎت ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺷهراً، وﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﻤﺘﺪة ﺑﯿﻦ 2000 و2012
ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﮫﺮاً. وﺑﺎﻟﻤﻌﺪل اﻟﻌﺎم، ﻓﺈن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻋﻤﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﻲ اﻷردن 11 ﺷهراً (97 ﺣﻜﻮﻣﺔ
ﻓﻲ 91 ﺳﻨﺔ).
وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﻼ ﺑﺮاﻣﺞ، ﺷﻜﻞ ﻗﺼﺮ ﻋﻤﺮھﺎ ﺿﺮراً ﺑﺎﻟﻐﺎً ﻹدارة اﻟﺒﻼد، وﺣﺎل دون ﺗﻤﺎﺳﻚ اﻟﺒﻨﯿﺔ اﻟﻤﺆﺳﺴﯿﺔ
ﻟﻸﺟﮫﺰة اﻟﺤﻜﻮﻣﯿﺔ واﺳﺘﻘﺮار اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻹدارﻳﺔ ﻟﮫﺎ.
إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت، ﻳﻘﻒ اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ اﻟﺬي ﻻ ﺗﺴﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق، ﻋﺎﻣﻼً آﺧﺮ ﻣﺴﺮﻋﺎً
ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﻮزراء. وﻣﻌﻠﻮم ﻣﺎ ﻟﻠﺘﻌﺪﻳﻞ ﻣﻦ ﺳﻠﺒﯿﺎت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﺎل ﺣﻜﻮﻣﺎت ﻗﺼﯿﺮة اﻟﻌﻤﺮ أﺻﻼً، ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻌﺪل ﻋﻤﺮھﺎ
ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة. إذ ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن ﺛﻼث أو أرﺑﻊ وزارات ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻳﺘﻘﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻮاﺣﺪة
وزﻳﺮان أو أﻛﺜﺮ؛ وأﻧﻪ ﺧﻼل ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﺗﻜﻮن 20-15 وزارة ﻗﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﺬات اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ؛ وﺧﻼل ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات
ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻗﺪ طﺎﻟﺖ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻮزارات.
دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﺼﻮر ﻛﯿﻒ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻮزارات ﺗﺘﻌﺮض ﺧﻼل ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﻟﺘﻘﻠﺐ وزﻳﺮﻳﻦ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة، ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ
ﻣﺮة واﺣﺪة، أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت، وﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺪﻳﻼت ﺗﻄﺎﻟﮫﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎً.
وزارة اﻟﺰراﻋﺔ أﻓﻀﻞ ﺷﺎھﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ. ﻓﻘﺪ ﺗﻘﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺛﻼﺛﺔ وزراء ﻓﻲ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة 19/12/1988-
27/4/1989 ﻣﻦ واﻟﺜﺎﻧﻲ ،(واﺣﺪ وأﺳﺒﻮع أﺷﮫﺮ أرﺑﻌﺔ) 27/4/1989 وﺣﺘﻰ 19/12/1988 ﻣﻦ اﻷول ؛7/12/1989
وﺣﺘﻰ 2/9/1989 (أرﺑﻌﺔ أﺷﮫﺮ وأﺳﺒﻮع واﺣﺪ أﻳﻀﺎً)، واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ 2/9/1989 وﺣﺘﻰ 7/12/1989 (ﺛﻼﺛﺔ أﺷﮫﺮ
وأﺳﺒﻮع واﺣﺪ). وﻗﺪ ﻣﺮت ھﺬه اﻟﻮزارة ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻣﺸﺎﺑﮫﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺛﻼﺛﺔ وزراء ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮن اﻷول
(دﻳﺴﻤﺒﺮ) 2004 وﺣﺘﻰ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ (ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ) 2005. وﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎم 2010، ﻋﯿﻦ ﻟﮫﺎ وزﻳﺮ ﻟﻤﺪة ﺛﻼﺛﺔ أشهر،
ﺗﺒﻌﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻌﺎم 2011 وزﻳﺮ آﺧﺮ ﻟﻤﺪة 41 ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻘﻂ.
وﻗﺪ راﻓﻖ ظﺎھﺮة اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت، واﻟﺘﻌﺪﻳﻞ اﻟﻌﺎﺑﺮ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت، ﺗﻮزﻳﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪﻳﻦ ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن أدﻧﻰ
ﻣﻮاﺻﻔﺎت رﺟﺎﻻت اﻟﺤﻜﻢ واﻟﺪوﻟﺔ؛ ﻟﻀﻌﻒ ﻗﺪراﺗﮫﻢ، وﻗﻠﺔ ﺧﺒﺮاﺗﮫﻢ اﻹدارﻳﺔ، وﻧﻘﺺ ﺗﺠﺮﺑﺘﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﺎم،
واﻓﺘﻘﺎرھﻢ ﻟﺼﻔﺔ اﻟﺘﻤﺜﯿﻞ. ﺣﺘﻰ إن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﻮدوا ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺻﺪﻓﺔ، واﻷﻗﻞ ﺗﻔﺎؤﻻً
ﻣﻨﮫﻢ رأوا ﻓﯿﻪ ﻋﻤﻼ ﻟﺘﺪﻣﯿﺮ اﻟﺠﮫﺎز اﻹداري واﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ إدارة اﻟﺒﻼد ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺎﺋﺴﺔ، ﺧﺎﺻﺔ أن ھﺆﻻء اﻟﻮزراء ﻟﻢ
ﻳﺘﺮددوا ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺚ ﺑﻮزاراﺗﮫﻢ ﺑﺘﺼﺮﻓﺎت ﺟﮫﻮﻳﺔ وﻣﻨﺎطﻘﯿﺔ وﻋﺸﺎﺋﺮﻳﺔ، ﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﯿﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﮫﺎ إﺣﺎﻟﺔ أﺑﺮز اﻟﻜﻔﺎءات ﻋﻠﻰ
اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﻹﻓﺴﺎح اﻟﻤﺠﺎل أﻣﺎم ﺻﻨﺎﺋﻊ أوﻟﺌﻚ اﻟﻮزراء وأﺻﺪﻗﺎﺋﮫﻢ وأﻗﺎرﺑﮫﻢ وأﺑﻨﺎء دواﺋﺮھﻢ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ، ﻟﯿﺤﺘﻠﻮا ﻣﻮاﻗﻊ
ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻮزارات واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻲ "اﺑﺘﻠﯿﺖ" بهم، ﺣﺘﻰ ﺻﺎر ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻮظﯿﻔﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳﺤﻔﻆ
ﻋﺸﺮات اﻟﻘﺼﺺ واﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﺴﺎد، وﻳﺮوﻳﮫﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﺴﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ. وھﻮ ﻣﺎ زاد ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ
ﺗﻜﻔﻠﺖ ﺑﺎﻹطﺎﺣﺔ ﺑﻜﻞ ﺻﯿﺤﺎت اﻹﺻﻼح اﻟﺪاﻋﯿﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺆﺳﺴﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت، وﺗﻄﻮﻳﺮ أﻧﻈﻤﺘﮫﺎ اﻹدارﻳﺔ