تقييد مكافآت مدراء وكبار موظفي البنوك

يحتدم الجدل في اوساط المصرفيين والسياسيين في دول الاتحاد الاوروبي حول خطة طرحها البرلمان الأوروبي باتت وشيكة لفرض قيود على مكافآت ( بونص) المدراء وكبار موظفي المصارف في دول منطقة اليورو، ويقترح اصحاب القرار وضع سقف لهذه المكافآت لايتجاوز مجموع الراتب السنوي للمدراء وكبار موظفي البنوك، ويرى مصرفيون ان هذه الخطوة ضربا من الخيال وتفرض قيودا على تطور الصناعة المصرفية في عالم شديد التغير والمنافسة، ورجحوا ان تؤدي في حال اقرارها خروج خبراء ومصرفيين مرموقين من دول الاتحاد والارتحال الى مراكز مالية عالمية اخرى في مقدمتها سنغافورة وهونج كونج.

مصرفيون اوروبيون يشعرون بقلق بالغ جراء الخطة ووجهوا منذ اشهر نداءات الى السياسيين من برلين الى بروكسل للتخفيف من الخطة، بينما تعارضها المملكة المتحدة وامريكا وسط تحذيرات من احتمال خروج بريطانيا من منظومة الاتحاد، ويؤكدون ان تقييد المكافآت يعد مشكلة حقيقية بالنسبة للخدمات المصرفية ويقلل من مرونة القطاع ويضعف تنافسيته، الا ان جانبا مهما من المصرفيين يعدون العدة للتعامل مع هذه الخطة وتقليل تأثيراتها.

البنوك الكبيرة في منطقة اليورو ستواجه على الأرجح التحديات الجديدة، لاسيما المجموعات الأميركية مثل غولدمان ساكس وجي بي مورغان تشيس، اضافة الى البنوك الأوروبية التي لديها عمليات مصرفية استثمارية كبيرة جدا مثل باركليز ودويتشه بنك، اما البنوك الفرنسية ستكون الأقل تأثرا بالقيود الجديدة كونها تدفع تقليديا، مكافآت أقل من غيرها ورواتب مرتفعة.

ويؤكد مصرفيون ان البنوك من الدرجة الثانية قد تكون أقل تضررا بالقواعد الجديدة، اذ كان يتعين عليها أن تزيد أصلا من الرواتب بشكل كبير في السنوات الأخيرة حتى تتمكن من الاحتفاظ بأفضل الكوادر لديها، بينما يقول مصرفيون ان المجموعات الأميركية سوف تعيد رؤساء الأنشطة العالمية الموجودين في لندن الى نيويورك أو مناطق اخرى وهذا بمثابة تحول كبير لمصلحة البنوك الأميركية، وأن الكثير من المتداولين ربما يتركون الصناعة المصرفية لمصلحة صناديق التحوط.

محاولة تقليم اظافر البنوك الاوروبية والغربية تعكس قناعة السياسيين بان البنوك ومهندسي الخدمات المالية المسبب الرئيس للازمات العالمية المتلاحقة بدءا من جنوب شرقي اسيا الى الولايات المتحدة الامريكية واوروبا، وان السنوات الخمس الماضية كشفت صعوبة ضبط تصرفات الادارات العليا للبنوك العالمية، مما دفع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بمطالبة مدراء البنوك اعادة الاموال الطائلة التي حصلوا عليها جراء منح القروض والتسهيلات لبنوك ومؤسسات في دول متعثرة في مقدمتها اليونان، واعتبرت هذه المكافآت مجحفة.

محاولة تقييد مكافآت مدراء البنوك في منطقة اليورو تعيد الى الاذهان مجموع مزايا مكافآت رؤساء ومدراء ليمان برذر بانك التي تقدر بـ 500 مليون دولار سنويا، اما في الاردن ودول المنطقة العربية فان البنوك في مأمن من هذه التصرفات غير المنطقية.


بقلم: خالد الزبيدي