الاسترضاء هو الحل


لا يمكن اعتبار مزاج النواب السلبي من حكومة النسور مقياسا علميا على مآلات موقفهم من قضية منح او حجب الثقة عنها في الايام القادمة.
الدكتور عبدالله النسور بخبرته وحنكته يدرك طبيعة المعادلة، وكيفية تفكيكها قبل اضطراره إلى الاستعانة بفلسفة «الألو» التي ما يزال يجاهر بأنه لن يلجأ اليها.
ما الحل اذاً؟ إنها الصيغة التقليدية التي اعتدنا عليها دائما، والقائمة على استرضاء النواب كتلا وافرادا بما يناسب كل حالة، وعلى قاعدة: «اللي بتعرف ديّته طخوا».
الرئيس يعلم ان النواب يلهثون وراء الخدمات وتحديدا التعينات؛ وبالتالي عليه ان يسترضيهم ويعقد معهم الصفقات من تحت الطاولة ومن فوقها، وعن يمينها وشمالها.
دعونا ننتبه لقرار الحكومة تعيين 500 موظف في الامانة التي تعاني ترهلا غير مسبوق، ودعونا نبحث عن الغايات من ذلك.
القصة واضحة انها جوائز الترضية ذات المستوى المتواضع، التي ستكون ثمنا للثقة او على اقل تقدير لتخفيف حدة الاندفاع العام الساخط على الحكومة.
ولك ان تضيف إلى تعيين هؤلاء على قصة الوزارات المعلقة على قاعدة «النسور معكم احلى»، فمجرد ان تحسن الاتصال مع الحكومة، وتحسّن سلوكك مع الثقة ستدخل السحب وهنا تكمن الفرصة.
إذاً النسور لا يراهن على برنامجه كما يشاع، او على ديناميكية فريقه كما يظن البعض، الرجل عملي ويعرف الحقيقة، ومتأكد اننا لا نقف امام حالة اصلاح، وبالتالي لن يجد الا الاسترضاء طوق نجاة.
توافقات تجري، وتفسرها تأخر الحكومة عن التقدم ببيان الثقة؛ شراءً للوقت الذي يكفل انجاز مهمات تبريد المزاج الداكن، وضمان الثقة على الاكيد.
لكن مع ذلك المجلس النيابي غير مضمون، وصعود مواقفه وهبوطها لا قانون يحدها، وهنا يكمن قلق النسور مما يجعل «الخارج البرلماني» مستعداً للتدخل الفوري.
تبقى امام مجلس النواب معضلة تمرير رفع اسعار الكهرباء، فالثقة ستسقط الشرعية الشعبية عن المجلس ان هم مرروا الحكومة وهي تصرخ بأنها سترفع الاسعار.
ولعل الرئيس سيجد مخرجا لذلك يتم به التحايل على الجمهور، وحفظ ماء وجه النواب دون التراجع عن رفع الاسعار.
هذا المشهد يؤكد اننا بصدد ازمة حكم متنامية، تثبت ان الاصلاح غير موجود، واننا نكرر الصيغة التقليدية بطريقة فجة منتظرين الفرج البعيد.