«سرطان نادر» يتسلل الى اجساد ثلاثة اشقاء في عائلة معدم بالزرقاء

اخبار البلد - 
سرعة البرق وعلى عجل يخترق المرض ضاحية الأمير هيا في محافظة الزرقاء, يشق طريقه بلا دليل إلى بيت فقير متواضع هناك في الطابق الثالث على سفح جبل من تلك المنطقة.

يتسلل المرض بخبث إلى بيت أبو العبد قبل ثمانية أعوام .. يصيب هدفه بالتحديد دون أي خطأ وينال من الفتى مؤمن (14عاما) لتتبدل عقب ذلك الأحوال وتتغير الأمور وتنقلب موازين عائلة بأكملها ما بين عشية وضحاها، لتبدأ قصة معاناة لم تندمل ورحلة عذاب لم ينته بها الطريق بعد.

ثمة وجع في قدمي مؤمن ، ينقله والده في صبيحة اليوم التالي إلى الطبيب العام , يطلب الطبيب من مؤمن حينها السير مستقيما على خط رسمه في أحد ممرات العيادة، الأمر الذي أخفق به مؤمن اخفاقا كبيرا، ودفع بالطبيب لتحويله إلى مستشفى الجامعة الأردنية, حيث الاستشاريون المتخصصون الذين طلبوا من والداه إجراء فحوصات عاجلة, فكانت الفاجعة بالنسبة للأطباء وللعائلة قبل ذلك.وأظهرت النتائج أن مؤمن مصاب ب( سرطان نادر) متعلق بنقص أنزيمات الدم ويسمى هذا المرض بـ Metachromatic Leukodystrophy، ويختصر عالميا بـ «Mld» .

بعثت خصائص المرض ذلك وحالة مؤمن ونتائج فحوصاته على الشك .. ويوضح والده هاني المغير (46 عاما), قائلا ان الصدمة كانت كبيرة بنتائج الفحوصات لمؤمن, إلا أن الصدمة الكبرى كانت عندما طلب الأطباء منهم أن يخضعوا جميعا للفحص الطبي وهذا ما حدث بالفعل, إذ خلصت الفحوصات المخبرية إلى أن نور الدين 11عاما وشقيقه الآخر محمود 6 أعوام ، مصابون أيضا بمرض السرطان ذلك الذي أصيب به شقيقهم مؤمن, ليعظم المصاب وتتفاقم المعضلة وتزداد التحديات تعقيدا.

يقول أبو العبد خلال مقابلته في منزله لقد اجتاح المرض عائلتي ونال من ثلاثة أبناء لي من أصل سبعة, وقد بدأ مرض مؤمن بعوارض بسيطة من خلال ألم في إحدى قدميه, إلا أن الأمر تفاقم وسرعان ما انتشر مرضه في جسده, حتى وصل إلى الدماغ, محدثا من خلال ذلك شللا تاما وتوقف في كافة الوظائف الأساسية للجسم, مبينا أن وضع مؤمن الذي يرقد في العناية الحثيثة بمستشفى الجامعة الأردنية, منذ 67 يوما سيئ للغاية, لاسيما أن الأمراض تكالبت عليه تباعا, فمن الشلل التام إلى توقف وظائف الجسم, إلى زرع برابيش في الكبد والمعدة, إضافة إلى اعتماده التام على الأكسجين في عملية التنفس وهذا ما تؤكده أيضا التقارير .
أما حال نور الدين فيستعرضه والده مبينا أنه خضع لعملية زراعة نخاع عظمي بعد أن رقد في المستشفى مدة ثلاثة أشهر في غرفة العزل, فعملية زراعة النخاع عملية معقدة ودقيقة وهو يخضع الآن للعلاج الكيماوي أسبوعيا ويحتاج إلى رقابة مستمرة ومراجعة دائمة لمركز الحسين للسرطان لأخذ العلاجات ومتابعة حالته, متأسفا لتأثر نور الدين بالمرض هو الآخر, فقد غدت مشيته غير سوية وراح يعرج عرجا شديدا لالتواء شديد في قديمة, متخوفا من أن يكون ذلك مقدمات شلل كما حدث مع شقيقه الأكبر مؤمن, الأمر الذي حرمه من دخول المدارس الحكومية وتلقي التعليم, فلا قدرة مالية على إدخال نور الدين إلى مدرسة خاصة بأصحاب الاحتياجات وذوي الإعاقة, أما الطفل الأصغر محمود فقد خضع كذلك لعملية زراعة نخاع عظمي وهو الأفضل حالا بين أشقائه تقريبا.

ويصف أبو العبد مرض أبنائه بأنه مرض خبيث لا يعذر ولا يحرم, فقد بات أطفالي ضحية يختلفون عن بقية الضحايا من الأطفال الآخرين, وبات أطفالي مرضى بمرض يختلف عن بقية الأمراض الأخرى.

الوضع الجديد على العائلة والأمراض التي تكالبت عليهم تطلبت من رب الأسرة جهدا إضافيا ومتابعة حثيثة أفقدته عمله وجعلته عاطلا عن العمل منذ أولى أيام اكتشاف المرض وجعلته وكتحصيل حاصل يلجأ لصندوق المعونة الوطنية الذي راح يصرف لهم مبلغ 180 دينارا, بالرغم من أن علاج مؤمن وحده يفوق 300 دينار شهريا, إضافة إلى منزلهم المستأجر لقاء 110 دنانير, ناهيك عن علاج الطفل نور الدين وعلاج الطفل محمود, والمصاريف التي تتطلبها الإقامة في المستشفيات للمرافق من طعام ومواصلات ومصاريف أخرى ألجأته كذلك إلى الاستدانة الدورية لشراء أنواع مختلفة من الأدوية وأجهزة خاصة, جهاز مولد الأكسجين لمؤمن الذي لا يستطيع العيش بدونه, أي أن المبلغ الذي يصرفه صندوق المعونة لعائلة أبو العبد بالكاد يكفي لتكاليف المواصلات من منزلهم في الزرقاء الى مستشفى الحسين للسرطان أو مستشفى الجامعة الأردنية.

أما أم المرضى الثلاثة, أم العبد وهي المؤمنة بقدر الله فتقول ان شمعة حياتها أطفئت بمرض فلذات أكبادها الذين يتساقطون أمام عينها الواحد تلو الآخر نتيجة هذا المرض الفتاك.

وتوضح أم العبد وهي تحبس في كل حين دمعة حارة تتسلل من عينيها الحائرتين, أن المرض دمر أبناءها وعائلتها ونغص عليهم حياتهم, وشتت شمل عائلتها وفرقها إلى فريقين, فجزء من العائلة مرابط في مستشفى الجامعة الأردنية من أجل المتابعة الحثيثة لمؤمن والفريق الثاني يلزم البيت من أجل متابعة حالة نور الدين ومحمود وهم على ذلك الحال منذ سنين طويلة.

وتناشد أم العبد وزير الصحة وإدارة مستشفى الجامعة الأردنية, إدخال ابنها مؤمن إلى العناية الحثيثة, إذ أن أطباءه قاموا بإخراجه من غرفة العناية المكثفة بعد 67 يوما وذلك كون حالته ميؤسا منها بحسب أم العبد, محملة إدارة المستشفى سلامة ابنها إثر ذلك القرار التي تظنه خاطئا.

وتطالب أم العبد بضرورة إعادة ابنها إلى غرفة الانعاش كونه يتألم كثيرا, موضحة أن من حق مؤمن الشرعي أن يكون في داخل غرفة الإنعاش, كما تطالب أيضا بفتح تحقيق في العديد مما وصفته بـ «أخطاء طبية» أوصلت حالة مؤمن إلى هذه الحالة المتردية والميؤس منها التي هو فيها الآن.

وتتعجب أم العبد من ضخامة فاتورة مستشفى الجامعة والتي وصلت إلى 26ألف دينار في غضون67 يوما قضاها مؤمن في العناية المركزة, وخرج مؤمن من العناية المركزة بحالة متردية أسوأ بكثير مما كان عليها قبل دخوله .